منتديات بئرالعـــــــــاتر التربوية
منتديات بئرالعـــــــــاتر التربوية
منتديات بئرالعـــــــــاتر التربوية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات تربوية تعليمية اسلامية جامعية بحوث مذكرات اشهار مواقع
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 قصة:النهر يجري دائما

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
داود سلمان الشويلي

داود سلمان الشويلي


ذكر
عدد الرسائل : 124
العمر : 72
المدينة : العراق
المهنة : كاتب
الهواية : الكتابة
الدولة : العراق
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 16/08/2011

قصة:النهر يجري دائما Empty
مُساهمةموضوع: قصة:النهر يجري دائما   قصة:النهر يجري دائما Emptyالثلاثاء سبتمبر 27, 2011 7:01 am

النهر يجري دائما
داود سلمان الشويلي
هذه القصة مستلة من كتاب بنفس عنوان القصة ، يضم نصوص ابداعية ، كالقصة القصيرة والشعر والمسرحية ، وهي النصوص الفائزة بالجوائز الثلاث الاولى ، وقد فازت هذه القصة بالجائزة الاولى في المسابقة نفسها ، وهي المسابقة الابداعية لدار الشؤون الثقافية العامة لسنة 2000 0
******
(( الى جسر الناصرية وشهدائه الابرار 000 وذكريات جميلة لا تنسى ))
تراءت من بعيد ، عبر النهر الجاري ن وعلى الضفة المقابلة له ،تلك الالات الضخمة التي بدت له وهي ترفع قطع الحديد المتشققة ، وبقايا الخراسانات المتصدعة ، وصرير اجزائها المتحركة يملأ الجو المحيط به 0
كانت بقايا الجسر الذي كان في يوم ما معبرا كبيرا بين الضفتين قد ابتلعها النهر وكأن حوتا عظيمة قد التهمتها ،بعد ان سحبتها الى القاع الازلي الذي مرت عليه ملايين القطرات المائية ، وآلاف الاجساد البشرية التي اخذها النهر قربانا لبقائه جاريا عبر الاف السنين 0
وقف بوجهه السبعيني المتغضن ، وقد اعتصر قلبه الم حاد ، احس به يحاول الافلات من قبضة الالم ، فسما ومضت في السماء التي فوق رأسه مئات البقع الحمراء والصفراء والخضراء بتوهج سريع ، وتعالت في اذنيه اصوات الانفلاقات الجوية 000 توجهت قبة السماء فوق رأسه ، حدث كل ذلك في الساعة الثالثة من ظهر ذلك اليوم الذي حاول فيه ان يعبر الجسر الى الصوب الثاني 000 لم ينس ذلك ابدا 000 كان حفيده ممسكا بيده ، وقبل ان يصل الى الحافة الامامية للجسر ، الى حيثيبدأ الصعود 000 الى ذلك المكان الذي سيبدأ به القلب بالاضطراب 000 الى 000 فجأة امتلأت اذناه بدوي هائل ورهيب ، فيما امتلأ بصره الكليل بآلاف الاشياء المتطايرة 000 ثم 000 سكت كل شيء 000 وكان السكون- للحظات مرت عليه كأنها الدهر - قد خيم على كل شيء000 سكون في الاذنين ، وسكون اسود في العينين، وكانت الارض هي ملجأه الوحيد بعد ان سحبه حفيده بقوة نحوه 000 آه 0
تأوه بألم حاد، سرعان ما رسم على شفتيه الباسمتين ، ابتسامة صغيرة فضحت خلو فمه من الاسنان 000 بعدها هز رأسه منتشيا، فيما راحت يداه تخلع عن جسمه ملابسه كلها 0
تقدم بخطى ثابتة ، رغم وهن ساقية وهي تحمل جسمه الذابل ، الى حافة جرف ماء الفرات ، وهو يكوّر ملابسه على رأسه بعد ان لف حولهما حزامه الجلدي القديم ، وقبل ان يترك جسده يغطس في ماء النهر عابرا الى الضفة الاخرى ، مد بصره الى ذلك الجانب الذي ما انفكت عيناه تحتويانه منذ اكثر من يومين 000 منذ ان سمع حفيده خبر اعادة بناء الجسر 000 منذ ذلك اليوم وهو يعيش فرحه الحزين 000 نعم 000 هكذا قال لحفيده الذي زف له ذلك الخبر المفرح 0
: يا ولدي 000 انا فرح بذلك 000 ولكنني حزين ايضا ، لانني لن اشارك في اعادة بنائه كما شاركت قبل اكثر من اربعين عاما في بنائه 0
ارتسمت علامات الاندهاش على وجه الصبي 000 لم يكن يعرف ان ذلك الجسر الذي كثيرا ما عبر عليه وهو ينتقل من بيت والده الى بيت جده قد شارك جده في بنائه 0
انتبه الجد الى وجه حفيده، اذ رأى عينيه تبحثان عن شيء ما في تغضنات ذلك الوجه السبعيني 000 ولكي يخرجه من تلك الحيرة، وذلك الاندهاش ، قال :
: نعم يا ولدي 000 لقد شاركت في بنائه مع الشركات الاجنبية التي قامت بتشييده، كنا ثلاثة ، انا واخي والحاج سلمان رحمهما الله 000 ثلاثة حدادين قد اختارتهم الشركة للعمل معهم 0
سأل الحفيد جده مستفسرا :
: هل عملت حدادا في الجسر ، اقصد هل قمت بلحام اجزائه الحديدية ؟
كان الوجه الصغير ما زال ممتلئا بالدهشة 000 فيما الوجه المتغضن قد لاحت عليه سورة من الفرح الغامر 0
قال الجد ، بعد ان اخذ نفسا عميقا من سيكارته :
: نعم ، ومنذ الاول ، وعندما انتهى العمل فيه طلب منا مدير الشركة الذهاب معهم الى بلدهم ، الا اننا رفضنا ذلك ، لان 000
قاطعه الوجه الصغير مستفسرا :
: لماذا ،!
اجاب الجد، وهو يربت على شعر رأس حفيده الصغير :
: قد اتفقنا نحن الثلاثة على ان بلدنا بحاجة الينا في بناء الجسور 000 قلنا ، سيأتي اليوم الذي نبني جسورنا بأيدينا 0
: وهل اشتركتم في بناء جسر آخر؟ سأل الصغير 0
وبكلمات غطتها تأوهات حارة ، قال الجد لحفيده الصغير وهو يشد على وسطه حزاما جلديا قديما :
: لقد طال انتظارنا دون جدوى ، ومضت الاعوام ، ومات من مات ، وما زالت الشركات الاجنبية هي التي تشيد الجسور في العراق 0
قاطعه الحفيد متسائلا :
: لماذا لم ترحلوا معهم ؟
تغضنت ملامح الجد كثيرا 000 فيما راحت شفتاه ترتجفان ، عندها شعر الحفيد انه قد اغاظ جده 000 لقد تغير كل شيء في ذلك الوجه السبعيني ، ماذا فعلت ؟ وعندما حاول الاعتذار ، فاجأه الجد قائلا :
: كلا 000 رفضنا ذلك 000 وبعد ان رحلا اخي وصديقي الى الدار الاخرة ، رفضت العمل مع اية شركة اجنبية ، رفضت ، لانني انتظر اليوم الذي 000
سكت الجد فجأة ، مد بصره الى الامام كأنه يحاول ان يعيد تلك الايام مرة اخرى ، فيما تساءل الحفيد قائلا :
: اي يوم تقصد ؟
كان سؤال الحفيد مفاجأة له للجد ، اخرجته من بين صور تلك الايام ، عندها تساءل قائلا :
: هل يقبلون العمل معهم ؟ فأنا اعرف كل اسرار هذا الجس 0
صمت الحفيد وكأنه يفكر بأمر جده 000 تساءل مع نفسه ، هل يقدر على العمل وهو في مثل هذا السن ، وبقلب مريض ؟
قال الجد ، وكأنه قد قرأ تساؤلات حفيده الصغير :
: لا تخف 000 ما زلت قادرا على استخدام جهاز اللحام 0
بادره الحفيد قائلا :
لكنك تركت العمل منذ سنين طويلة ، وما زال حال قلبك يسوء شيئا فشيئا 0
لم يقل الجد شيئا ، بل راح يشعل له سيكارة ثانية وينفث دخانها من فمه الادرد دون كلام 0
***
عندما ارتدى ملابسه ثانية ، كانت عيناه تجوسان باحثتين من بين الانقاض والالات الضخمة وسمرة وجوه العمال والمهندسين عن عامل اللحام ، عن الشرار الذي يتطاير من اي جهة ما من هذا المكان الصاخب بالحركة ، عن صوت وشوشة جهاز اللحام 000 وبلا وعي منه ، وكأنه نسي مرضه 000 احس فجأة بوخزة في ذلك القلب العليل 000 هل هو المريض ، ام انه الفرح ؟ تساءل مع نفسه والصبي يقف بالقرب منه بعد ان عبر هو الاخر على جسر العبور متابعا جده السابح في ماء النهر 000 في اللحظة تلك توهجت في عينيه تلك الشرارات المتطايرة بالوانها الزرقاء والخضراء والحمراء التي كثيرا ما رآها عبرعينيه في تلك السنوات التي كان فيها القلب يعمل بانتظام 0
ها هي قد ملات القضاء من جديد ، وهي تتشكل بآلاف الصور امامه000 كان وجه اخيه قد لاح له من بين الاف الشرارات المتطايرة 000 وجوه اخرى برزت امامه من بين الاف الدرات المتوهجة من مكان اللحام 000 ابتسمت له الوجوه ، وها هو وجه صديقه الحاج سلمان من بينها كما عهده من قبل ، باشا ، فرحا 000 كل الوجوه تصيح به ان يتقدم 000 تقدم 000 تقدم 000
***
عندما فتح عينيه ، كان قلبه ما زال ينبض وسواد عينيه ينتقل ما بين الوجوه التي احاطت به 000 كيف حدث ذلك ؟تساءل مع نفسه 000 كان على جرف النهر 000 كل شيء امامه مصطخب بالعمل 000 وها هو الآن ممد على سرير حديدي داخل احد (الكرفانات) 0
سمع صوت من بين الووه المحيطة به يقول :
: لقد انتبه 000
سأله وجه اخر :
كيف الحال ؟
قال ثالث :
هل تحس بألم ما ؟
تتابعت الاسئلة 000 كان الكل مهتما به 000 وقبل ان ينطق بكلمة ما انفرجت دائرة الرجال المحيطة به عن شخص عرف فيه انه المسؤول هنا 000 ومن بين شفتين باسمتين ساله المسؤول :
: كيف الحال يا حاج ؟
وقبل ان يشكره ، التقت عهينيه بعيني حفيده الصغير وهو يقف قرب المسؤول :
الحمد لله 0
سأله المسؤول :
هل حقا تريد العمل معنا يا حاج ؟
اغمض عينيه فيما كان قلبه ينبض بشدة 000 فيما امتزجت ابتسامة المسؤول مع ابتسامات الفرح التي شاهدها على شفاه اخيه وصديقه الحاج سلمان 0
تذكر ذلك اليوم الذي بدأوا فيه العمل لاول مرة في الجسر قبل اكثر من اربعين عاما 000 تلك اللحظة التي اتجه فيها الثلاثة قبل ان المدينة الى مكان العمل في الجسر الجديد 000 كان المدير ذو الوجه الاحمرالمتورم يرطن بلغة لم يفقه منها شيئا ، الا ان المترجم نقل لهما كل كلمة منها 000 كان في كلام المدير وتصرفاته غطرسة دفعت به وبصديقه الحاج سلمان الى التفكير بأن يتركا المكان ، لكن اخاه منعهما من ذلك ، قال لهما :
:سنتحمل ذلك من اجل ان نتعلم الكثير ، يجب ان نتعلم الكثير 0
: نعم ، يجب ان نتعلم الكثير 0
فتح عينيه فيما كانت كلمات اخيه ما زالت تخرج من بين شفتيه اليابستين ، سأله المسؤول مندهشا :
: تتعلم ماذا يا حاج ؟
ابتسم الحاج اليه ، وبصوت هادئ قال :
: لا عليك يا استاذ 0
جلس المسؤول بالقرب منه على حافة السرير ، فيما خرج الجميع :
: لقد اخبرنا حفيدك بكل شيء 0
قال الجد وكأنه يريد ان يثبت لهذا المسؤول الشاب انه يستطيع العمل معهم :
: اعرف كل اسرار هذا الجسر 000 صدقني كل شيء فيه ، حتى كمية الحديد والاسمنت والرمل التي استخدمت فيه 0
توقف قليلا عن الكلام ، فيما امتد بصره خارج الكرفان وراحت عيناه تحتويان كتلة الحديد المتشققه وهي معلقة بنهاية سلك احدى الرافعات الكبيرة 000 ثم تابع حديثه متسائلا دون ان يبتعد نظره عن تلك القطعة الحديدية الكبيرة :
: اتعرف المسؤول وهو يمد بصره الى خارج الكرفان متابعا حركة القطعة الحديدية وهو تتدلى في نهاية السلك المعدني :
اعرف ذلك 000 انك خبير كبير في اللحام يا حاج ، الا ان قلبك هو 0
قاطعه الحاج من بين شفتين مزمومتين قائلا :
: في الجسر
: اقصد مرضك 0
: سأشفى منه 0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
.
.
المدير


ذكر
عدد الرسائل : 720
العمر : 46
المدينة : https://birelater1.mam9.com
المهنة : اعلام الي وبرمجيات
الهواية : الرياضة الادب العربي الشعر والسياحة
الدولة : الجزائر
السٌّمعَة : 14
تاريخ التسجيل : 18/02/2009

قصة:النهر يجري دائما Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة:النهر يجري دائما   قصة:النهر يجري دائما Emptyالإثنين أكتوبر 03, 2011 10:43 am

قصة:النهر يجري دائما 113405
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://birelater1.mam9.com
 
قصة:النهر يجري دائما
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بئرالعـــــــــاتر التربوية  :: 
 ::  قسم خاص بالكاتب الكبير داود سلمان الشويلي
-
انتقل الى: