لحظة مع..... امي
.........................
و كعادتي مازلت اعيش بين كتب الرومانسية ......لا ازال اقرا لفيكتور هيقو...و نزار و احلام ...و لا ازال افتش بين
كتبي عن قصصي لا ازال اقرا les harlequins …les romans هذا النوع من الكتب يلامس احساسي لازلت اعيش في
عالم من الخيال و الشعور باني بطلة من ابطال تلك الكتب .....و لا زالت الرومانسية تضرب لي موعدا كلما تصفحت
كتبي ......و اتذكر كلمات امي و انا اليوم في الخامسة و الثلاثين من عمري و لازلت افرض وجود الرومانسية على
حياتي ....حتى ابنى تعلم مني حروف الرومانسية ........
اتذكر ما قالته لي امي يوما و انا في سن العشرين ..........
....................................
" اذا استمريت بين هاته الكتب ستتالمين ...اذا لم تتطفلي على الواقع فالرومانسية هاته ستحطمك فالحب وحده لا
يكفي و الحياة بدون حب لا طعم لها ".
........................................
اليوم فقط عرفت المعنى الحقيقي لقولها لم اسالها يوما عن السبب الذي جعلها تقول لي ذلك و انما كنت افهم ذلك
من خلال ملامحها و تيقنت اني مثلها وورثت عنها الاحساس المرهف و قد اتعبها والدي كثيرا لا لشيء سوى انها
رومانسية و طبعا والدي كان غير ذلك .
و كعادتي بين كتبي و ماذا اختار من رف المكتبة في هذا الفجر البارد محتارة و تقريبا قرات الكل و قد مضى عمري
كله بين الحب و الوهم بين الامل و الال…… ;م بين و بين .......
لفت انتباهي الى كتاب دائما اراه و كانمي لم الاحظه الا اليوم مديت يدي لاجلبه وقعت عيني على العنوان ..............
rose rouge et le chardon bleu
فتحت الصفحة الاولى مكتوب بخط امي
" الى ابنتي العزيزة
الى قلب مرهف اخاف عليه من غدر الزمن و خدع الجنس الخشن
الى من احب انا الى نور قلبي
الى عبير قلبي
الى حبيبتي
الى عبير
اهدي هذا الكتاب لاقول لها احبك لاقول لها اقراي لكن احذري من الرومانسية المفرطة اقراي و لا تعيشي الدور لا تتخيلي نفسك البطلة .
حبيبتي كل عام و انت بخير و عقبال 1000 سنة "
..................................
كان هذا هديتي في ميلادي الثاني و العشرين في ليلة شتاء باريسية باردة اتذكر جيدا يومها كان ابي ليس معنا
كنت انا و هي فقط .
اشتقت اليك كثيرا يا امي .............
و كعادتي لفت انتباهي العنوان مرة اخرى ورغم اني قراته اردت ان اعيده اليوم لاعيش فقط لحظة مع امي و كان
اليوم نفسه شتاء بارد قد اعطى لونا مميزا للمدينة لباريس كلها ...و انا بين العنوان و الصفحة الاولى و الثانية دقت
ساعة الحائط دقة واحدة كانت كافية لابتعد عن المكتبة و الكتب و رحت الف بعيوني و اعاود التحديق بساحة الغرفة
الفرنسية و ابحث عن رائحة امي في كل شبر لوحة الموناليزا التى كانت تهتم بها و تعشقها الخزانة و الاريكة التى
كانت مكانها المفضل و الوحيد و هي حزينة الفحم و المدفاة و رائحة العطر الباريسي.
تنفست بعمق و شعرت بحاجة الى فنجان قهوة الصباح يسحن روحي و قد تعودت على هذا الفنجان الصباحي
من
صنع امي ....دخلت المطبخ و كان روح امي تسبقني في كل خطوة ليفاجئني الحنين و يصدمني شعور ممزوج
بالوحدة و الفراغ و الضياع و اللهفة الشديدة الى حضن امي و الى ابني الغائب ػني .
دخلت غرفتها ....كانت غرفتها مميزة في البيت غرفة اعطت واجهة اخرى للمدينة الباريسية كانت نافذتها تطل على
الشارع الكبير مباشرة كانت امي تحب الوقوف عندها .وجهت نظري الى النافذة صباح ضبابي جو اعطته الغيوم لونا
جميلا لونا رماديا حدقت و انغرزت حدقتي على زجاج النافذة و اذا بقطرات الندى تتثاقل لترسم خطوطا احذت اتبعها
بعيوني لترسم حرفا كان حرف ... .... F … امي....... ......fati ابتسمت و بيدي فنجان القهوة التى بردت و قد نسيت ما
كنت انوي لادخل في ذكرى اخرى من ذكريات والدتي و هي بين فنجان القهوة و الريشة و الرسم و اللوحات و
عناد…… ابي و سخافاته ........
دقت الساعة مرة اخرى لتقطع شرودي فعدت الى كتبي امسح عنها الغبار و ابتسمت مرة اخرى لارى روح والدتي
تبتسم هي الاخرى و كانها تقول لي " لم تتغيري كل هاته السنين و انت و الكتب دائما "
لاقول لها
.............................
" انا هكذ بكل مشاعري و احاسيسي و الرومانسية اسرتني و المشاكل احتكرتني و الهموم و الالام قيدتني و تبقى
حياتي بين الكتب ارحم من حياتي معه " و كما قلت انت يوما " الحياة بين الريشة و الوحة ارحم من الحياة مع والدك و
لاجلك فقط حبيبتي عبير فضلت البقاء في باريس "
و هكذا ذبحتك تصرفات والد ي و قتلتك مشاكل والدى ..... حتى دفنت في باريس .....عشت غريبة و دفنت غريبة.
و كعادتي .........
كل الايام هنا تذكرني بك ......فكيف ارحل عن باريس و رائحتك في كل مكان .
الرئيسية 
