الاتحاد الأوربي : إمكانياته ومكانته الاقتصادية في العالم
مقدمة:
بعد
الحرب العالمية الثانية وجدت أوربا نفسها متجزئة وضعيفة وللوقوف أمام
منافسة القوى الإقتصادية العظمى إضطرت إلى إحداث منظمات أهمها الاتحاد
الأوروبي. فكيف تأسس هذا التكتل الإقليمي؟ وما إمكانيات المساهمة في قوته
وما مكانته الإقتصادية في العالم ؟
I- الاتحاد الأوروبي كتكتل إقليمي ومراحل تأسيسه :
تكون
الإتحاد الأوربي بمقتضى ما ستريخت في 7 فبراير 1998 يهدف تدعيم التعاون
والوحدة بين دول الاتحاد في جميع المجالات الاقتصادية والإجتماعية والمالية
.
وقد تأسس الإتحاد الأوربي عبر مراحل انظر الخط الزمني ص98 حيث أصبح يضم حاليا 25 دولة.
II- المؤهلات المساهمة في قوة الاتحاد الأوربي :
1- الإمكانيات الطبيعية والبشرية :
*
التضاريس: تستفيد أوربا من انبساط وتنوع تضاريسها مما يوفر تنوع إمكانيات
الاقتصادية كما أن انفتاح أوربا على عدة واجهات بحرية وتقطع سواحلها يسهل
اتصالاها بالخارج.
* المناخ: بصفة عامة مناخ أوربا ملائم للإستقرار البشري بالفعل ما يتميز به من حرارة معتدلة عموما وتساقطات كافية وغطاء نباتي دائم.
* بشريا: تتوفر أوربا على ساكنة نشيطة مهمة كما يعتبر أكبر القارات كثافة وتمدينا.
* المواد الطبيعية: تسخر أوربا بثروات طبيعية متنوعة رغم نقص مصادر الطاقة التي تضطر إلى استيراده.
2- الإمكانيات التنظيمية :
يسهر
على تنفيذ أهداف الإتحاد الأوربي عدة مؤسسات رئيسية تقوم بعدة اختصاصات
(انظر الخطاطة ص100) كما وجد الاتحاد الأوربي العملة (الأورو) لتجاوز
السلبيات والآثار التي تنجم عن الإختلاف في القيمة بين العملات الأوربية،
كما تنسق دول الأعضاء عملها داخل المنظمات الدولية وخلال المؤشرات الدولية
لتدافع عن مواقف مشتركة.
III- مكانة الإتحاد الأوربي ضمت الإقتصاد العالمي :
تحتل
أوربا مراتب متقدمة في العديد من القطاعات الإقتصادية إذ يعتبر الإتحاد
الأوربي ثاني قوة فلاحية في العالم. يتميز الإنتاج بضخامته وتنوعه بسبب
اتساع السهول وملائمة المناخ وتطوير الأساليب والتقنيات كما يعتبر الإتحاد
ثاني قوة صناعة في العالم نظر التوفر الأطر والأدمغة وتقدم البحث العلمي.
يمثل
الإتحاد الأوربي أول قوة تجارية في العالم إذ يحقق 422 من حجم المبادلات
في العالم. ويعرف الصادرات والواردات تنوعا لذلك يعرف الميزان التجاري بعض
الفائض.
يعتبر الإتحاد الأوربي أقوى تكتل اقتصادي في العالم ، لكنه يواجه بعض المعوقات.
- ما هي مراحل و مظاهر اندماج بلدان الإتحاد الأوربي ؟
- ما هي العوامل المفسرة لهذا الاندماج ؟ و ما هي حصيلته ؟
- ما هي التحديات التي تعترض الإتحاد الأوربي ؟
مراحل و مظاهر اندماج بلدان الإتحاد الأوربي : مر الإندماج الاقتصادي لبلدان الإتحاد الأوربي بعدة مراحل: [right]*
مهدت بعض المنظمات القطاعية كالمجموعة الأوربية للفحم و الفولاذ لتأسيس
المجموعة الاقتصادية الأوربية (الإتحاد الأوربي حاليا ) سنة 1957.
* مر الاندماج الاقتصادي لبلدان الاتحاد الأوربي بالمراحل التالية :
-
خلال الستينات : إلغاء القيود الجمركية ، و تحقيق حرية مرور اليد العاملة
داخل المجموعة الأوربية ، و الشروع في تطبيق السياسة الفلاحية المشتركة .
- خلال السبعينات : وضع نظام نقدي أوربي استهدف تقليص الهوة بين العملات الأوربية وضمان استقرارها
-
خلال الثمانينات : إحداث نظام الحصص لتحديد إنتاج الصلب داخل المجموعة
الأوربية ، و إصدار جواز سفر أوربي ، و وضع سياسة موحدة للصيد البحري ، و
توقيع اتفاقية شنغن ( التي نصت على حرية تنقل الأفراد بين الدول الأعضاء ) و
الفصل الوحيد ( الذي نص على إنشاء سوق أوربية واسعة ) .
-
في سنة 1992 : التوقيع على معاهدة ماستريخت التي أقرت الإتحاد الاقتصادي و
المالي ، و توحيد السياسة الاجتماعية و الأمنية و السياسة الخارجية لدول
الإتحاد الأوربي ، وطرح مشروع إصدار عملة موحدة .
تم الاندماج المجالي لبلدان الإتحاد الأوربي تدريجيا :(الخريطة ص 202 المنار – الخرائط ص 201و 202 المورد ) -
بموجب معاهدة روما لسنة 1957، تأسست المجموعة الاقتصادية الأوربية بمبادرة
من ست دول هي : إيطاليا ، فرنسا ، ألمانيا ، هولندا، بلجيكا ، الليكسمبورغ
.
- في سنة 1973 انضمت إلى المجموعة بريطانيا ، إيرلندا ، الدانمارك .
- في سنة 1981 انضمت اليونان .
- في سنة 1986 انضمت إسبانيا و البرتغال .
- في سنة 1995 انضمت النمسا و السويد و فنلندا .
- في سنة 2004 انضمت عشر دول منها بولونيا و هنغاريا و التشيك و سلوفاكيا و دول البلطيق
- في سنة 2007 انضمت رومانيا و بلغاريا ليصبح مجموع دول الإتحاد الأوربي 27 دولة .
3 – تتعدد مظاهر اندماج الإتحاد الأوربي :
-
السياسة الفلاحية المشتركة : استهدفت زيادة الإنتاج ، وضمان تموين الأسواق
، و استقرار الأسعار ، و تحسين المستوى المعيشي للفلاحين .
- تداول الأورو كعملة موحدة بين مجموعة من دول الإتحاد الأوربي منذ سنة 2002.
- مشاريع صناعية مشتركة من بينها مشروع إيرباص لصناعة الطائرات ، و برنامج أريان لصناعة معدات غزو الفضاء .
- أهمية المبادلات التجارية بين الدول الأعضاء ، والتي تفوق المبادلات مع باقي العالم .
-
الدستور الأوربي الذي يخول لكل مواطن من دول الإتحاد الأوربي عدة حقوق
منها المواطنة الأوربية، والشغل و الاستقرار بحرية في كل الدول الأعضاء ، و
الحق في التصويت و الترشيح في انتخابات البرلمان الأوربي .
عوامل اندماج الإتحاد الأوربي و حصيلته ومعوقاته: ارتبط اندماج بلدان الإتحاد الأوربي بعوامل مختلفة : *عامل جغرافي :الانتماء لنفس القارة ( أوربا ) التي تتميز بموقع استراتيجي و ظروف طبيعية ملائمة على العموم .
* عامل تاريخي: التاريخ المشترك كالحربين العالميتين الأولى و الثانية، و الأزمة الاقتصادية لسنة 1929 .
*عامل اقتصادي سياسي : نهج الرأسمالية اقتصاديا ، و الديمقراطية سياسيا .
* عامل بشري اجتماعي : ضخامة عدد السكان ، و ارتفاع الدخل الفردي
* عامل تنظيمي : دور مؤسسات الإتحاد الأوربي منها :
- مجلس الوزراء الأوربي : الذي يقرر السياسات المشتركة و يحدد ميزانية الإتحاد .
- المجلس الأوربي : الذي يحدد التوجهات الكبرى .
- اللجنة الأوربية : التي تقترح التوجهات و تنفذ السياسات المشتركة ، و تمثل الإتحاد الأوربي في المفاوضات مع الدول الأخرى .
- البرلمان الأوربي : الذي يساهم في التشريع مع مجلس الوزراء و يقدم الاستشارة .
تمثلت حصيلة الاندماج الأوربي في النقط الآتية : * المجال الفلاحي :
يساهم الإتحاد الأوربي بحصص مرتفعة من الإنتاج العالمي للحبوب والشمندر و
البطاطس و الكروم ، و يمتلك قطيعا ضخما من الماشية ، و يعتبر من أهم مصدري
المنتوجات الفلاحية عالميا.
* المجال الصناعي
: يحتل الإتحاد الأوربي مراتب متقدمة في عدة صناعات من أبرزها صناعة
السيارات و الطائرات و معدات غزو الفضاء و الصناعات الكيماوية و
الميكانيكية و الإلكترونية و المعلوماتية .
* المجال التجاري :
تشكل مبادلات الإتحاد الأوربي مع باقي العالم خمس التجارة العالمية نظرا
لضخامة الإنتاج الصناعي و الفلاحي و أهمية الأسطول التجاري وعقد اتفاقيات
مع مختلف دول العالم .كما تحتل المبادلات بين دول الإتحاد الأوربي مكانة
مهمة بفعل إلغاءا لقيود الجمركية و سهولة مرور البضائع و رؤوس الأموال و
الأشخاص و الخدمات . و بالتالي يعد الإتحاد الأوربي القوة التجارية الأولى
في العالم .
تحد بعض المعوقات من الاندماج الشامل للإتحاد الأوربي :
* التباين الاقتصادي و الاجتماعي : حيث يمكن التمييز بين ثلاث مجموعات من الدول :
-
الدول ذات الاقتصاد القوي والدخل الفردي المرتفع مثل ألمانيا و فرنسا و
بريطانيا وهولندا وبلدان أوربا الشمالية ( مركز الإتحاد . أ )
- دول ذات مستوى متوسط مثل إيطاليا و إسبانيا و البرتغال ( أطراف مندمجة في الاتحاد الأوربي )
- دول ذات مستوى ضعيف مثل بلدان أوربا الشرقية ( أطراف في طور الاندماج )
* عدم تعميم تداول العملة الموحدة ( الأورو ) على جميع الدول الأعضاء
* مواجهة صناعة الإلكترونيك و المعلوميات الأوربية لمنافسة شديدة من طرف اليابان و الولايات المتحدة الأمريكية .
*التباين الإقليمي داخل نفس البلد .، و بعض المشاكل الفلاحية.
* شيخوخة الهرم السكاني و ضعف وتيرة النمو الديمغرافي ، و بالتالي الحاجة إلى اليد العاملة الأجنبية .
* الأزمة المالية الأخيرة و انعكاساتها الاقتصادية و الاجتماعية .
خاتمة : رغم هذه الصعوبات ، يظل الإتحاد الأوربي من أقوى التكتلات الاقتصادية في العالم . شرح المصطلحات :
* ميكالوبول : مدن متصلة فيما بينها ، و تكون تجمعا حضريا .
* المركز : مجال تتركز فيه السلطات و القرارات المختلفة .
* الأطراف : هوامش تابعة للمركز .
خاتمة :تعود
قوة الإتحاد الأوربي إلى التكتل والإندماج بين بلدانه غير أن هذا الإتحاد
والتكامل لاينفي التنافس بينها خاصة في المجال الإقتصادي والمالي والسياسي.
باتوفيق والنجاح للجميع بإذن الله