منتديات بئرالعـــــــــاتر التربوية
منتديات بئرالعـــــــــاتر التربوية
منتديات بئرالعـــــــــاتر التربوية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات تربوية تعليمية اسلامية جامعية بحوث مذكرات اشهار مواقع
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 رحلتي مع المرجعية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
داود سلمان الشويلي

داود سلمان الشويلي


ذكر
عدد الرسائل : 124
العمر : 72
المدينة : العراق
المهنة : كاتب
الهواية : الكتابة
الدولة : العراق
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 16/08/2011

رحلتي مع المرجعية Empty
مُساهمةموضوع: رحلتي مع المرجعية   رحلتي مع المرجعية Emptyالأربعاء سبتمبر 07, 2011 10:52 am

رحلتي مع المرجعية
داود سلمان الشويلي
(( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)).
[التوبة :122 ]

((ضعها برأس عالم واطلع منها سالم ))
مثل شعبي

بعد اشهر قليلة – ان شاء الله – سأكون في عمر الستين عاما ، هذا يعني ان رحلتي في الحياة لحد هذا اليوم قد امتدت بعون الله على مساحة ستين عاما بطولها وعرضها ، و مرت عليّ تجارب حياتية كثيرة ،شخصية ، او كنت مشاركا فيها ، او متأثرا بها.
ان الذاكرة مليئة بالذكريات التي تزدحم راغبة في ان تتسطر على هذا الورق الافتراضي ، الا ان بوابة الاختيار في تلك الذاكرة - الان - سمحت للذكريات الخاصة بالمرجعية ان تخرج لتتدون على هذا الورق الافتراضي.
***
ولدت في عائلة شيعية ، من والدين – رحمهما الله - اميين متدينين (1).
و في الدراسة المتوسطة (بين سني 12 و 15) دخلت عالم التدين ، اقامة الصلاة فقط ، مع تشدد في بعض امور الحياة الشبابية ، كتحريم دخول السينما مثلا ، ولا اذكر ولو مرة واحدة انني صمت شهر رمضان في ذلك الوقت، والسبب كما اذكر ان تديني هذا لم يستمر كثيرا ، اذ كان على فترات متقطعة و قصيرة، مرحلة القلق النفسي والروحي والفكري.
في تلك الفترة، كنت احضر مجالس العزاء الحسينية في شهر عاشوراء (محرم)، وقد شدني في ستينات القرن الماضي في المجالس تلك - في مدينتي - صوت قاريء منبري اذكر ان لقبه البحراني ، وكذلك عجبت بخطب الشيح احمد الوائلي المنبرية، ولم تعجبني القراءة المنبرية للسيد علي العلامة وهو قاريء من ابناء مدينتي ، لان فترة قراءته لا تزيد على الربع ساعة ، حيث يبدأ بقوله : (يا ليتنا كنا معهم ونفوز فوزا عظيما )، ثم يعرج على قراءة الجزء الخاص بذلك اليوم من مقتل ابي مخنف – حسب حفظه – ثم يبدأ بالنعي .
اذكر في تلك الفترة، انني راسلت المرجع الديني السيد محسن الحكيم وسألته مجموعة من الاسئلة ، (2) من ضمنها سؤالا كثيرا ما دار بيني وبين زملائي وقتذاك عن شرعية اللطم وضرب القامة والزنجيل ، فجاء الجواب بقلم ابنه السيد يوسف الحكيم على ورقة رسالتي ذاتها في هامش جانبي ما معناه : لا يكلف الله نفسا فوق طاقتها – الاية - ، من ذلك الوقت ، عرفت ان هذه الاعمال لم تكن شرعية ، خاصة ان شخصا اكبر مني ، وافهم مني بأمور الدين، اخبرني ان رجال الدين لا يقولون صراحة بحرمة هذه الممارسات، لان هذه الممارسات قد اصبحت من ثقافة العامة، وهم يخافون على مرجعيتهم من العامة ،خاصة الخمس.
***
بعد سن العشرين، بدأت بقراءة الكتب التي تبحث في امور الدين ، إذ كنت اعيش – بحكم وظيفتي - في مدينة كل ابنائها من السنة ، فطالعت في مكتبة احد مساجدها كتب دينية كثيرة ،خرجت بخلاصة مفادها ان الفتاوي بين رجال الاسلام تختلف كثيرا فيما بينها.
***
اعود الى عنوان مقالتي وهو ( رحلتي مع المرجعية ):
اتساءل : هل المسلم يحتاج الى مرجع يفتيه بإمور دينه ؟
يقول الله سبحانه : ((وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)). [التوبة :122 ]
الجواب : نعم، ولا.
إذ ان المسلمين كافة وبكل مذاهبهم يحتاجون اليها ، واذا كان للشيعة مراجعا معروفين ، فإن للسنة مراجعهم ، الا ان هناك فرقا بين المرجعيتين.
نعم : لان العامة من المسلمين محتاجين الى معرفة الحلال والحرام على اقل تقدير.
ولا : لان في المرجعية امور كثيرة اضيفت الى وظيفة المرجعية خارج امور الحلال والحرام.
وإذ كان حديثي هنا عن المرجعية الشيعية ، اقول:
ان في تعدد المرجعيات رحمة ونقمة.
رحمة - كما افهما – : ان تعدد المرجعيات هو تعدد للفتوى (داخل المذهب ) وبما لا يخرجها عن الشرع ، وفي ذلك امكانية للمؤمن الذي يحتاج الى الفتوى ان يختار المرجع الاسهل له شرعا في الحصول على الحكم الشرعي الميسر، بغض النظر عما يقال عن اعلمية المرجع ، لان هذا الشرط يمكن ان يكون ممتنعا على العامة من المؤمنين لاسباب كثيرة ، اهمها :عدم معرفة شرائط الاعلم عندهم من بين المرجعيات العديدة.
فهناك كثيرمن المرجعيات من يستخدم في فتاويه الاحوط مثلا، ويترك مقلديه يستسهلون الفتوى .(3)
ومنهم من يتشدد في التحريم ، الممنوع شرعا ، وعلى سبيل المثال قرأت في رسالة عملية لمرجع ديني ان مشاهدة لعبة كرة القدم حرام .
فالاختيار الشخصي للمقلِد (العاقل )(4)، يسمح له الحصول على الحكم الشرعي الميسرلامور الدين.
ونقمة : فالكثير من المراجع يتخذون اراء شرعية من مجالات الحياة المتشعبة ،ويفرضون اراءهم تلك على مقلديهم ، بحكم التبعية للمقلدين والذين يمكن ان نسميهم كما اسماهم الامام علي بن ابي طالب عندما صنف الناس الى ثلاثة اصناف في كلمته الى صاحبه كميل ، الهمج الرعاع الذين ينعقون مع كل ناعق.
والشاهد في ذلك اختلاف فتاويهم فيما بينهم في امر ما من امور الحياة، وموقف الدين منه، ومن يطلع على الرسائل العملية للمراجع سيجد ذلك واضحا جليا.
لنأخذ مثالا على ذلك ، هو حلية او حرمة السماع الى الموسيقى .
فنجد المراجع مختلفون في فتاويهم ، فمنهم من يحرمها كافة ، ومنهم من يحللها اذا لم تثر الغرائز .
هذا يتم داخل المذهب ، وايضا هناك نقمة الاختلاف بين المذاهب في الفتوى.
***
اما بالنسبة لي ، فمنذ ان (عقلت) (5) رحت ابحث عن الفتوى الايسر لي في امور الدين التي يصعب عليّ فهمها شرعا(6) ،على اعتبار ان جميع المراجع قد تقلدوا المرجعية ضمن اشتراطاتها الشرعية .(7)
وربما هذا العمل سيغضِب البعض من المتشددين من المراجع ، مع العلم ان المراجع - وعلى الرغم مما بينهم من تنافس خفي – الا انهم متسالمين فيما بينهم ، ولم يقل احدهم ان هذا او ذاك ليس بمرجع.(Cool
***
خلال مسيرة حياتي ،تحولت من مرجعية السيد الحكيم الى مرجعية السيد الخوئي بعد وفاته ،ومن ثم الى مرجعية السيد السيستاني ، وعندما اطلعت على موقع سماحة المرجع الشيخ حسين المؤيد تحولت من السيد السيستاني الى مرجعية الشيخ المؤيد لاسباب ذاتية وموضوعية لا محل للميول والاهواء فيها ، وما زلت لحد الساعة اختار في الفتوى - فيما لو احتجت لها - ما هو ايسر دون الخروج عن الشرع فيما لو احتجتها. (9)
والمرجعية عندي هي مرجعية دينية خاصة بالحلال والحرام وليس بأمور اخرى ، كالموقف السياسي ، او امور اجتماعية اخرى ، وإن الاسلام – بصورة عامة - عندي وكل رجاله المتفق على مرجعيتهم الشرعية هم مراجع لي ، فيما يعقل عندي من امور لا تخرج عن النص القرآني .
وعلى سبيل المثال : ان كل المخلوقات الحيوانية عدا الخنزير والدم والميتة – على سبيل المثال - اكلها حلال ، عدا ما تعافه نفسي البشرية انطلاقا من نص قرأني يقول : ((يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون)).[البقرة:172 ] (10)
‏22‏/02‏/2011
***








الهوامش:
1 - كانا يقيما الصلاة ويصوما شهر رمضان وقد حجا الى بيت الله الحرام ، يحضر والدي مجالس العزاء الحسينية بعض الاحيان ، ويذهب لزيارة الامام الحسين في الزيارة الاربعينية مع زملائه في مهنته في موكب عزاء بإسمهم وقتذاك، وقد احصيت مرات ذهابه فكانت ثلاث اواربعة مرات كما اذكر ،لم اسمع من الدي انه دفع الخمس، ربما لانه لم يجد ان ما يحصل عليه من مال في عمله يستحق الخمس ، الا انني لم اسمع منه ولا مرة واحدة انه تحدث عن الخمس ودفعه الى المرجع كحال عامة الشيعة.
2 - اذكر انه ارسل لي رسالته العملية منهاج الصالحين .
3 - الاحوط هو :
* الأحوط : المطابق للاحتياط . ويراد به أن العمل به يتيقن منه البراءة .
* الأحوط استحبابا : عبارة تعني الاحتياط المستحب.
* الأحوط الأقوى : بحكم الفتوى لا يرجع المقلد فيه إلى مرجع آخر .
* الأحوط الأولى : عبارة تعني الاحتياط المستحب .
* الأحوط وجوبا : عبارة تعني الاحتياط الواجب . ( انظر احتياط واجب ).
– راجع : المصطلحات - إعداد مركز المعجم الفقهي - ص 88 – القرص الالكتروني (مكتبة ال البيت).
4 – بين الانسان العاقل والانسان البالغ شرعا - المحتلم - فرق كبير ، والبالغ هو الذي عليه القيام بالواجبات الدينية.
5 – اقصد : فهمت كل امور الحياة بعقل مدرك ، وخرجت من فترة المراهقة الحرجة المتغيرة الاهواء، الى فترة النضوج العقلي والفكري.
6 – وما اقلها بتقادم الزمن وكثرة قراءاتي ، وكذلك بالنسبة لعامة الشيعة ، إذ ان ظروف الحياة عندهم لا تتطلب حكما شرعيا من احد ، فلا هم اغنياء بحيث يطلبون حكما شرعيا عن خمس اموالهم مثلا ، مع العلم ان القرآن الكريم قد شرع الخمس في الغنائم التي يغنمها المحاربون ، ولا يعني هذا ان المكاسب كارباح التجارات او راتب الموظف او ما يحصل عليه من كده اليومي هي من الغنائم ، قال تعالى : ((واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير)). [الانفال: 41 ] وقد نزلت بعد معركة بدر.
مع العلم ان بعض المراجع قد امتنع من اخذ الخمس من المكاسب ، كسماحة الشيخ المؤيد.
ولو احصينا ما يحتاجه الشيعي من العامة من غير الفقهاء من حكم شرعي هو نزر يسير لا يشكل اقل من عشرة بالمائة، عدا شكل ومحتوى الصلاة ، وبعض المفطرات ، وشعائر الحج لو استطاع اليه سبيلا ، وهذه وغيرها يمكن الحصول عليها بالاكتساب من الوالدين او من أي رجل دين دون ان يتقيد بمرجعية تأخذ منه اكثر مما تعطيه ، وتقيده في حريته السياسية او الفكرية او الثقافية، وحتى الاجتماعية ،مثلا ، خاصة بعد ان اتسعت رقعة التعليم ، ووجود شبكة الانترنيت.
وهذا الامر عام عند نسبة اكثر من تسعين بالمائة من عامة الشيعة .
7 - والشروط هي :
1 - الاجتهاد ، بمعنى ان تكون الملكة موجودة عند حال اخذ الفتوى منه للعمل بها فلا يكفي حصولها في الزمن السابق على العمل بالفتوى 0
2 - العقل , بمعنى ان يكون عاقلا حال الاستناد إلى فتواه فلا يكفي كونه عاقلا في الزمن السابق على العمل بالفتوى .
3 - العدالة 0
4 - الحياة , فلا يجوز الرجوع إلى الميت ابتداء أو بقاء إلا إذا وافق قوله قول الأعلم الحي .
5 - الاعلمية إذا تعدد المجتهدون ولم يحصل للشخص علم أو اطمئنان باتفاقهم في الرأي
- انظر الاسلام منهاج الحياة – متن فقهي يعبر عن دورة فقهية تمثل فتاوي سماحة اية الاية الامام الشيخ حسين المؤيد.
8 – فسّق بعض المراجع البعض منهم، او اخرجه من المذهب لاسباب لا علاقة لها بشروط المرجعية، وانما لامور اخرى.
9 – لا اقصد بالتحول بين المرجعيات لاجل التقليد التام والكامل لمرجعية معينة ، وانما اقصد : انه لو صعب علي امر ما فيما يتعلق بالحلال والحرام فقط ، وهو امر قليل الحدوث عندي ، ابحث عن الموقف الشرعي له عند المرجع الذي اعتمده ، مع ملاحظة انه لو وجد موقف شرعي اسهل واوضح منه عند غيره لاخذت منه ، وفي الكثير من الامور اخذ بالاحتياط.
10 - هناك اناس لا يحبذون اكل السمك بانواعه ، او لحم الغنم او لحم البقر او لحم الجمال على سبيل المثال . فالاكل عند ذلك هو لما لا تعافه النفس البشرية.
وانظر كذلك فتاوي المراجع حول اكل لحم الارنب ، فمن المراجع من يحرم اكله ، ومنهم من يحلله ، علما ان المسلمين كافة يحللون اكل لحمه ، واليهود هم من بين الاديان السماوية الذين يحرمون اكله، انظر الاية 6 : الفصل 11 سفر الاحبار ، من التوراة . وكذلك السمك المسمى في العراق بالجري، فهناك من المراجع من يحرم اكله ومنهم من يحلله ، علما ان اليهود ايضا يحرمون اكله كما في الاية 10 ، الفصل ذاته.
ان من بين مبررات من يحرم اكل لحم الارنب ، هو لانها تحيض ، ونسي هذا الذي حرمه ان ذكر الارنب لا يحيض.








المرجعية الدينية وهموم المسلمين اليوم

((وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)).
[التوبة - 122 ]
كثرت في الاونة الاخيرة بعد رحيل السيد محمد حسين فضل الله (مرجع ديني جعفري لبناني الولادة والنشأة) تساؤلات من مثل (من يأخذ من يده راية تحديث الفقه؟)،ومن الذي سيملأ الفراغ بعد رحيله ، وكتابات تؤكد على اعتدالية مرجعيته .
صحيح ان مرجعية المرحوم فضل الله تتصف بالاعتدال والتحديث الى حد ما، الا ان هذا لا يعني عدم وجود مراجع اخرين تحمل مرجعيتهم مثل هذا الاعتدال وهذا التحديث.
هذا القول يدعونا الى معرفة الاسباب التي دعت مرجعيته الى ان تتصف بهذه الصفات.
ومن تلك الصفات واهمها هو انه رحمه الله ينحدر من مجتمع كان وما يزل هو المجتمع العربي الوحيد تقريبا الذي تعايشت فيه القوميات والديانات والمذاهب الدينية والمدارس الفلسفية والا جتماعية وغيرها دون انغلاق فيما بينها ، وكذلك الانفتاح على الاخر مهما كان نوعه وثقافته ، وهو المجتمع اللبناني.(1)
ومن خلال انفتاح هذا المجتمع على الاخر ، العربي والغربي ، من مسلمين وغيرهم من الديانات الاخرى ، تزود السيد بثقافة واسعة ، مما جعل افق تفكيره منفتحا ، وآلياته تتصف بالعلمية والموضوعية فضلا على عقلانيته.
ومن خلال ذلك، كانت مرجعيته الى حد ما مرجعية معتدلة ، مجددة .
والسؤال المطروح هو هل انتهى بانتقال السيد فضل الله الى جوار ربه هذا الاعتدال وذلك التجديد ؟ وهل افتقرت مرجعيات المذهب الجعفري (الشيعي الامامي الاثني عشري) من رجال يتصفون بهذه الصفات ؟
بالتأكيد سيكون الجواب كلا.
فما زال هذا المذهب يفتح باب الاجتهاد ، وما زال العقل يقوم بدور فعال في ذلك الاجتهاد ، وفي فكر بعض رجاله الذين انفتحوا على الاخر بكل عناوينه ومدارسه ، وخير مثال على ذلك هو مرجعية الامام الشيخ حسين المؤيد (عراقي الولادة والنشأة) ، دون ان ننسى مراجع اخرين اخذت على عاتقها التجديد والتصحيح في فكر هذا المذهب.(2)
ان المرجعية اليوم لم تعد خاصة بتبيان الحلال والحرام ، بل دخلت في مفاصل الحياة كافة ، وان التطور الذي حصل في الحياة العامة على كافة الاصعدة ، يتطلب من الذين يتصدون الى المرجعية (بما لها من علاقة بتقريب الدين الى العامة من المسلمين ) ان يكونوا اولا وقبل كل شيء منفتحين على الاخر ، وبفهم ووعي كاملين ، وهذا لا يعني وضع ما هو ديني خلف الظهر وتجاوزه ، وتقديم تنازلات غير مشروعة لهذا الاخر، بل الانطلاق من اساسيات الدين وعدم تجاوزها مهما كانت الاسباب والدوافع ، وهذا يأتي من خلال:
- الفهم الواعي و الصحيح للنص (المقدس) ،(3) قرآن وحديث نبوي موثق صحيح من حيث السند والمتن.
- الفهم الواعي والصحيح الى ان غير القرآن الكريم والحديث النبوي، هو فكر رجال متولد تحت تأثير زمكانية اللحظة التاريخية ، وظروف المجتمع ، مع تداخل وتأثير ما هو سياسي وايديولوجي فيه ، لهذا فكل ما جاءنا من الاجيال السابقة يجب النظر فيه ومراجعته ، لانه قول رجال ونحن رجال كما يقول الامام ابو حنيفة، كالتفاسير ، وكتب الصحاحات ، والفقه ،وكتب التاريخ.
- استخدام المناهج الحديثة في مقاربة النص المقدس .(4)
- النظر الى ما نقلته كتب التاريخ القديمة من حوادث، نظرة موضوعية علمية متجردة من أي لبوس سياسي او ايديولوجي.
- الابتعاد كليا عن الفكر التفويضي والغالي والتعصبي والتكفيري والتواكلي، والاحتكام الى العقل الذي مجده الله سبحانه في قرآنه الكريم ، والموضوعية العلمية .
هذه الاليات وغيرها التي ترى هذه الدراسة انه من الضروري ان يعمل بها من يتصدى الى المرجعية في وقتنا الحاضر خاصة ، هي آليات نجدها عند الكثير من مراجع التقليد ، ومنهم سماحة الامام الشيخ حسين المؤيد .
فسماحته – مثلا – لا يرتكن الى ما وصله من حديث نبوي في كتب الصحاحات لكافة المذاهب ما لم يعرض - هذا الحديث او ذاك - الى الآليات التي تؤكد صحته سندا ومتنا ، وكذلك، وهو المهم ،عدم تعارضه مع ما جاء في القرآن الكريم ، وموافقته لفطرة الناس (العقل والمنطق السويين) التي فطرها الله فيهم.
اضافة لذلك ، فقد اسقط الكثير من الاحاديث والروايات التي رواها المفوضة والغلاة والتي ما زالت في محل تبجيل عند البعض على الرغم من ان شيوخ المذهب الاوائل وعلماء الرجال قد اخرجوا رجال سند تلك الروايات والاحاديث من خانة المصداقية والوثوقية ، بل انهم كفروهم ايضا.
فضلا عن ذلك ، فقد وضع سماحته الكثير من الحوادث التاريخية تحت مجهر النقد ، كما عمل بعض فقهاء ومراجع ورجال دين سبقوه او جايلوه ، وخرج بنتائج مفيدة تخدم الاسلام والمسلمين.
وفرّق سماحته بين العقيدة الاسلامية الحقة ، ذات المرجع القرآني ، وبين الكثير من العقائد ، او المفاهيم والمعتقدات التي اراد لها البعض ان تترسخ عند المسلمين على انها عقيدة دينية منزلة من الله سبحانه .
وسفـّه سماحته ، بل كفّر ، الكثير من الممارسات والطقوس التي يقوم بها بعض المسلمين على اعتبار انها طقوس وممارسات اسلامية ، وهي غير ذلك.
ان المسلمين ، والشيعة الامامية الاثني عشرية خاصة ، بحاجة ماسة في ايامنا هذه الى مثل هذه المرجعية خدمة لوحدة الامة الاسلامية والمسلمين ، خاصة وحاجتها الى نبذ الطائفية السياسية ، والسب والشتم للكثير من الصحابة ، لا لشيء الا لاسباب سياسية ايديولوجية.
‏الاحد‏، 26‏ كانون الأول‏، 2010
***
الهوامش:
1– وكذلك السيد علي الامين اللبناني الولادة والنشأة.
2– يمكن مراجعة كتابنا رجال التصحيح في المذهب الشيعي الامامي الاثني عشري.
3 - ان الاسلام لم يطلق على كتابه السماوي - القرآن - صفة المقدس كما فعل اليهود والنصارى ، بل هو قرآن مجيد وقرآن كريم ، الا انني استخدمت هذه الصفة من باب المجاز لتأكيد قدسية مفترضة له عند المسلمين كافة.
4 – ممن استخدم تلك المناهج من الكتاب العرب :نصر حامد ابو زيد ، محمد اركون، محمد عابد الجابري ، محمد شحرور ، وغيرهم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رحلتي مع المرجعية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المرجعية الدينية وهموم المسلمين اليوم
» كتاب: التصحيح والتجديد في الفكر العربي الاسلامي - الكتاب الرابع - المرجعية الرشيدة - قراءة في مرجعية الامام الشيخ حسين المؤيد.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بئرالعـــــــــاتر التربوية  :: 
 ::  قسم خاص بالكاتب الكبير داود سلمان الشويلي
-
انتقل الى: