الحلقة الثانية
خرجت من قاعة المكتبة و قد اعتملت في دهني أفكار كثيرة...
أولا : من واجبي كمسلمة مثقفة واعية ... أن أفعل شيئا لمساعدة الأخت نهى في مرض والدتها
ثانيا : أنا لا أعرف نهى هده، و لا أعرف كيف يمكنني أن أساعدها!!
ثالثا : أنا في حيرة من أمري و لا أدري من أين أبدأ، لكن يجب أن أفعل شيئاً
رابعا : يجب أن أحل النقاط الثلاث الأولى قبل المرور إلى غيرها
دخلت إلى غرفتي و أنا لم أكف طوال الطريق عن التفكير...
مع أن مندوباً رسمياً عن ضميري المهني، أقصد الدراسي، كان يحاول أن يفسد علي هدوئي و يحول نظري إلى المجلد المرمي على الفراش بين الفينة و الأخرى ليّكرني باختبار بيولوجيا الخلايا بعد يومين
لكنني شخص يعرف أولوياته جيداً
و أعلم أن المجلد لن يضيع إن أنا تركته مهملاً على فراشي بعض الوقت، في حين أن حياة والدة نهى في خطر محقق...
وجدتها!!
طرت إلى حاسوبي و تسمرت أمامه لبضع دقائق، و أصابعي تعالج الأزرار تارة، و تقرص على الفأرة تارة أخرى و عيناي مشدودتان إلى الشاشة أتابع نتاج عملي في رضىً...
دخلت أمي إلى الغرفة، فناديتها في حماس لتنظر إلى الشاشة
كنت قد انتهيت من إعداد القصاصة الاعلامية...
(( المسلم للمسلم رحمة...
إخوتي، إحدى زميلاتنا بالكلية تمر بظروف قاهرة و في حاجة إلى تعاونكم لانقاد والدتها من الموت...
ندعوكم إلى التبرع جميعا بمبالغ صغيرة من مصروفكم اليومي علنا نسد من حاجتها جزءا نثاب عليه في الدنيا و الآخرة...))
و في خلفية القصاصة لم أنس أن أضع صورة لأم تحضن ابنتها و الدموع على خديهما... تعبت كثيراً حتى عثرت على الصورة المناسبة على شبكة الأنترنت
ابتسمت أمي وقالت :
ـ من هي هذه الفتاة؟
ـ نهى...
خمنت أمي قليلاً في حيرة...
ـ هل حدثتني عنها من قبل؟
ابتسمت و قلت :
ـ ليس كثيراً، و لكننا سنصبح مقربتين أكثر في الفترة القادمة...
لم يبد على أمي أنها فهمت الكثير، لكنني عاجلتها قبل أن تخرج من الغرفة
ـ أظنني في حاجة إلى زيادة صغيرة (أقصد كبيرة نوعاً ما ) في مصروفي لأقوم بطبع القصاصات و توزيعها على الزملاء في الجامعة، ثم للمشاركة بمبلغ صغير في الحملة!!
التقيت صديقتي و أختي في الله راوية أمام باب الكلية...
نظرت في فضول إلى حزمة الأوراق التي أحملها و سألتني مشيرة إليها
ـ هل توزعين منشورات يا مرام؟! هل جننتي؟؟! ممنـــــــــــــــــوع في الكلية!!
ـ اششش... ليس الأمر كما تظنين، أنا في مهمة!
ـ مهمة؟؟
ـ و في حاجة إلى مساعدتك أيضاً... سنقوم بوضع المنشورات في أدراج الطلبة، لا نريد أن يلحظنا أحد...
ضحكت ساخرة و قالت
ـ كيف تريدين أن لا يلاحظك أحد و أنت تحملين هاته الرزمة؟
انتبهت حينها إلى حقيقة الوضع، فأخفيت القصاصات في حقيبتي الدراسية، و مددت واحدة لراوية لتفهم الموضوع...
ـ أفهم من القصاصة أنك تنوين جمع مبلغ من المال لمساعدة إحدى الطالبات لمعالجة والدتها...
هززت رأسي موافقة و ابتسامة تعلو شفتي
ـ لكنك في نفس الوقت لا تريدين ان يلاحظك أحد و خاصة صاحبة الموضوع...
ـ نعم...
ـ لكن إلى من سيقدم المتبرعون المبلغ!؟؟ فالقصاصة لا تنص إلى الطرف الدي يجمع المال!!!!
صحيييييييح
يا لذكاء حبيبتي راوية
ـ لست أدري ما كنت سأفعل من دونك يا راوية! أنت أروع صديقة في الدنيا!!
نمر إدن إلى النقطة الرابعة :
رابعا : نحتاج طرفا موثوقا منه يلعب دور الوسيط لجمع المبلغ
خامسا : يجب أن يكون معروفا في الكلية حتى يقصده الجميع بدون تردد
سادسا : علينا استئدانه قبل توزيع المنشورات ليكون على علم بالعملية...
ـ ما رأيك في الدكتورة منى؟ إنها محبوبة من الجميع، و مكتبها معروف حيث تستقبل الطلبة، و لا أظنها تمانع
قبلت صديقتي الحبيبة راوية في امتنان و قلت :
ـ هيا بنا نكلم الدكتورة منى!!
كانت الدكتورة منى بالفعل في مستوى تطلعاتنا و تقبلت المهمة بترحاب كبير و كانت أول المساهمين بمبلغ محترم حتى أنها تكفلت بتوزيع عدد من القصاصات على الأساتذة و الدكاترة لحثهم على المساهمة في الحملة...
انتظرنا بداية الحصة، حيث دخل الطلبة إلى قاعات المحاضرات، و لم يبق أحد في الساحة، فانطلقت برفقة راوية بسرعة إلى مكان الأدراج، و رحنا نرمي بالقصاصات داخل الأدراج بسرعة البرق... فعلينا أيضاً أن نلحق المحاضرة
الحمد لله، انتهينا، فلننتظر النتيجة الآن..