الحلقة الثانية عشر:
لم تصدق راوية أذنيها حين رويت لها ما حصل بعد أن انصرف حسام مكسور الخاطر
ـ هل جننتي يا مرام؟؟ كيف تقابلينه بمثل هذه الطريقة؟ أليست هذه هي اللحظة التي انتظرتها طويلا و تمنيتها من كل قلبك؟؟ كيف تفرطين فيها بكل سهولة؟؟ و الشاب المسكين، صدمته بقسوة كأنك لا تبالين به!
ارتميت في حضن راوية و قد تدفقت دموعي غزيرة على خدي
ـ لا تلوميني يا راوية فإنني أتعذب أكثر...
ربتت على رأسي في أخوة صادقة و همست :
ـ أنت مجنونة... تعذبينه و تعذبين نفسك و المسألة لا تستحق!
رفعت رأسي و نظرت إليها بعينين تملؤهما الدموع :
ـ كيف تقولين أن المسألة لا تستحق؟! كل من يتقدم لخطبة فتاة يتوقعها الفتاة المثالية التي يتمناها... و ينتظر منها أن تكون صادقة معه في كل ما يخصهما معا، و خاصة إن كانت غير قادرة على الإنجاب...
تنهدت راوية ثانية و قالت :
ـ يا مرام، يا حبيبتي... من قال أنك ستكونين غير قادرة على الإنجاب؟؟ هذا من علم الغيب و الغيب لا يعلمه إلا الله...
ـ و لكن الاحتمال كبيرا نظرا للمرض الذي ألم بي...
ـ يا مرام اسمعيني... كم من الفتيات السليمات اللاتي لا يشكون شيئا وجدن أنفسهن عقيمات بعد الزواج بدون سابق إنذار... و كم من عقيم، شفيت بعد طول صبر و توكل على الله فأنجبت! كله بتقدير من الله عز و جل...
تنهدت في ألم و قلت في يأس :
ـ ما الذي كان بإمكاني فعله؟
ـ كان بإمكانك مصارحته بالحقيقة...
ـ كيف؟! لم أكن لأجد الكلمات المناسبة! الموضوع خاااااص جدا... لا يمكنني أن أتحدث فيه مع رجل، و أي رجل!! أين الحياء!؟
ـ كان بإمكانك تبليغه موافقتك، ثم تحدثين أخته بالتفاصيل...
ـ لكنني أخاف من ردة فعله... أخاف أن يشفق علي و يتغاضى عن الأمر بشهامة منه... كرامتي ستجرح، لا أحب أن يشفق علي يا راوية! أريد أن أكون أميرته التي يحلم بها كما أريده أن يكون فارسي... و أخاف أن يتغاضى الآن... ثم يفكر مليا، فيعدل و يختلق أسبابا أخرى للانفصال بعد أن أكون قد بنيت آمالا عريضة...
تناثرت دموعي من جديد و أنا أواصل :
ـ و أخاف إن رفض مباشرة... كم ستكون صدمتي عنيفة... في الرجل الذي أراه مثالا للشهامة و الأخلاق العالية... و أخاف أكثر، إن أوهم نفسه بأن مرضي لن يؤثر في قدرتي على الإنجاب... ثم يحصل ما لا نرجوه...
ارتفع نحيبي هذه المرة...
ـ إني خائفة يا راوية... قد أفقد الكثير في هذه التجربة... أفقد الأمل، أو احترامي حسام أو كرامتي... لذا آثرت الانسحاب...
هزت راوية رأسها في عدم موافقة :
ـ و ما حصل هو أنك اخترت خسارة حسام نفسه! هل هذا ما تعتبرينه أخف الأضرار!؟
لم أعد أدري ما الصواب و ما الخطأ...
يا إلهي رحمتك...
ـ اسمعي... يجب أن يفهم حسام الموضوع، هل يرضيك أن يعتقد أنك رفضته لعيب فيه؟! كرامته أيضا جريحة! خاصة أن فتيات كثيرات ينتظرن الفرصة... و من سوء حظك أنك ضيعتها، فقد تقتنصه في لحظات ضعفه و انكساره فتاة أخرى لا تستحقه... و تكونين قد ضيعته من يدك و ضيعت مستقبل الشاب المسكين في نفس الوقت!!
ـ لا يا راوية... حسام ليس بهذا الضعف!
ابتسمت راوية و هي تحتضنني :
ـ إن لم يكن حسام بهذا الضعف، فهو لن يبني حياته الزوجية و مستقبله على الشفقة... و لن يترك المجال لأي عاطفية متطفلة لكي تتحكم في قراره... اتركي له الخيار... أعطه الفرصة...
أعطيه الفرصة؟
آه يا قلبي...
صراع بين قلبي و عقلي...
قلبي يرجو أن يعطيه الفرصة و يرى الأحلام الوردية أمامه...
و عقلي يرفض بشدة، لا يفسح المجال للآمال و الافتراضات...
و تكلمت أخيرا :
ـ و لكنني رفضته يا راوية... كيف أفتح الموضوع ثانية؟!
ابتسمت راوية مطمئنة :
ـ دعي المسألة علي...
نعم، لقد انتصر القلب على العقل.
<<<<<< تابعونا >>>>>>