الحلقة الخامسة عشر:
ما أن انفردت بي راوية بعد المحاضرة حتى بادرتني و ابتسامة خبيثة على شفتيها :
ـ هاااا... كيف تسير الأمور؟
نظرت إليها في استغراب و أنا أتصنع عدم الفهم :
ـ مادا تقصدين؟ عن أية أمور تتحدثين؟
رفعت حاجبيها دهشة و هتفت :
ـ مرااااام!!! هل ستخفين عني أخبارك مع حسام؟! و أنا صديقتك المقربة منذ زمن بعيد!؟
ابتسمت و قلت :
ـ كان يجب أن توضحي سؤالك منذ البداية... ما أدراني أنك تتكلمين عن حسام!... على أية حال... لا شيء جدير بالذكر...
سكتت للحظات قصيرة ثم أردفت :
ـ غير أنه... تم تحديد موعد مع والدي...
هتفت راوية في استنكار :
ـ و تقولين لا شيء جدير بالذكر؟!! ألف مبروك يا حبيبتي!!
في تلك اللحظة رن هاتفي الجوال... تناولته، و نظرت إلى الرقم الغريب الذي ظهر على الشاشة
ـ من يكون يا ترى؟
ـ أجيبي و ستعرفين...
أجبت في هدوء :
ـ السلام عليكم و رحمة الله...
فوجئت حين أجابني صوت رجل من الطرف الآخر هاتفا :
ـ هاااي مرام! كيف حالك؟
ارتسمت علامات الحيرة و الجفول على وجهي، فتطلعت إلي راوية متسائلة فقلت في تشكك :
ـ عذرا... من المتحدث؟
ـ أوووو مرام! ألم تعرفيني؟ أنا طارق!
لم يبد لي للوهلة الأولى أن الاسم مألوف لدي ... ثم تذكرت أن لي ابن عمة اسمه طارق... سافرت عائلته إلى أمريكا منذ سنوات، و انقطعت علاقتي به تقريبا إلا من مكالمات قصيرة مع عمتي في الأعياد و المناسبات...
ـ طارق؟!... طارق ابن عمتي سهام؟؟
جاءتني ضحكته عالية مستهترة :
ـ نعم... هو بعينه! جيد أنك تذكرتني أخيرا! اتصلت بمنزلكم و أخذت رقمك من والدتك... ما رأيك في هاته المفاجأة؟!
ابتسمت على مضض و قلت :
ـ جميل منك أن تفكر في مكالمتي...
ثم انتبهت إلى نقطة أثارت استغرابي فاستطردت :
ـ لكن الرقم الذي تتصل منه ليس من أمريكا!
ارتفعت ضحكته في أذني بصفة منفرة و هو يقول :
ـ ذاك النصف الثاني من المفاجأة... فقد عدت لقضاء بضعة أيام في البلد... وصلت اليوم صباحا... سأكون عندكم هذا المساء...
ـ هل عمتي سهام و بقية العائلة معك؟
ـ لا لا! جئت بمفردي و سأقضي بضعة أيام عندكم... إن قبلتم استضافتي بالطبع!
و انفجر ضاحكا مرة أخرى!
ـ اشتقت إليك كثيرا يا عزيزتي... أراك هذا المساء... و لك عندي نصيب آخر من المفاجآت ... باي!!!
أغلقت الخط و على وجهي علامات دهشة و استنكار واضحة، فاستفسرت راوية :
ـ ما الأمر؟ ما بك منزعجة؟
تنهدت و أنا أقول :
ـ إنه ابن عمتي... كنا صديقين حميمين قبل سنوات، قبل التزامي يعني... و هو يكبرني بثلاث سنوات... سافر مع عائلته إلى أمريكا، و لم نتكلم منذ زمن طويل، و هو الآن قادم لقضاء بضعة أيام عندنا... يبدو أن كلانا تغير... لكن في اتجاهات متعاكسة!
<<< تـابعـــــــــــونا غدا باذن الله >>>