الحلقة الثامنة عشر:
أخيرا ظهرت راوية!
نظرت إلي من بعيد و هي تتساءل في سرها عن الشاب الذي يقف معي و هو لم يتوقف عن الحديث مذ وصلنا و أنا مشغولة عنه بالمصيبة التي حلّت بي بعد أن رآنا حسام و انصرف غاضبا...
انتظرت أن تأتي إلي راوية على الفور، لكنها لعجبي الشديد، غيرت وجهتها و مضت نحو باب الكلية!!
ماذا دهاها؟ ألم ترني؟!
لكنها نظرت ناحيتي! مستحيل...
ـ انتظرني لحظة...
انطلقت إثرها دون أن أنتبه إلى أنني قاطعت طارق مرة أخرى خلال حديثه المشوق عن مغامراته في أمريكا...
ـ راوية... راوية... انتظري...
توقفت لتلقي التحية و أنا ألهث :
ـ كنت أنتظرك... ألم تريني؟
ـ بلى و لكنك بم تكوني بمفردك فلم أشأ التدخل...
ـ أنا في انتظارك كي تخلصيني من صحبته و أنت لا تريدين التدخل!!!
ضحكت راوية و هي تستمع إلى قصتي مع ابن عمتي الذي أصر على مرافقتي...
ـ و المصيبة أن حسام رآنا معا... و لم يشأ حتى أن يسلم علي بل انصرف غاضبا!
ـ طبعا... كيف كنت ستتصرفين إن كنت لمحته رفقة فتاة أخرى بمفردهما؟
تنهدت و قلت :
ـ المصيبة الأكبر هي أن طارق يعتبرني مثل أخته الصغيرة و يعاملني دون تحفظ!
نظرت إلي راوية متشككة :
ـ مثل أخته الصغيرة؟ هل أنت متأكدة؟!
هززت رأسي بشدة و أنا أؤكد :
ـ نعم يا راوية... أنت لا تصدقين؟ لقد كان طوال الطريق يحدثني عن طفولتنا و ذكرياتنا المشتركة... و كيف أنه حاول أن يتخيل كيف تغيرت...
بدا على راوية عدم الاقتناع :
ـ هذا لا يعني شيئا... أنت لا تعرفين شيئا عن نواياه و خبايا نفسه...
ثم قالت بصوت مكتوم و هي تنظر ورائي :
ـ يا أهلا و سهلا...
التفتت فوجدت طارق قد اقترب منا و بادرني في عتاب :
ـ أين ذهبت يا مرام؟... ثم ألا تعرفينني بصديقتك؟
عرفتهما بسرعة ثم تظاهرت بالحديث مع راوية حول أحد المراجع الذي يجب أن أمر لاستلامه من المكتبة. التفتت إلى طارق معتذرة و قلت :
ـ آسفة يا طارق... أظنني سأدخل إلى المكتبة الآن... أراك لاحقا...
ابتسم في تفهم :
ـ حسن... حظا موفقا... و انتبهي إلى نفسك... أراك على الغداء...
هزت راوية حاجبيها و هي تقول في ثقة :
ـ مرام... أنت في مأزق... نظراته إليك ليست بريئة البتة!!!
التقينا دالية في ساحة الكلية فركضت نحوها لأخبرها بما حصل مع حسام. و ختمت روايتي بقولي :
ـ لم أتوقع أبدا أن أرى حسام هنا اليوم... أليس يتابع تربّصه في المستشفى المركزية؟
ابتسمت دالية في أسف و قالت :
ـ نعم... لكنه جاء خصيصا اليوم ليراك قبل الذهاب إلى المستشفى! يا لأخي المسكين! كان عازما على الاتصال بوالدك هذا المساء لتحديد الموعد...
أحسست بالأسى للألم الذي سببته لحسام...
لقد أفسدت كل شيء! هل يغير رأيه بشأن لقاء والدي في نهاية الأسبوع؟
ـ أقسم لك يا راوية أنني لم أقصد إيلامه! لا ذنب لي فيما حصل... لم أرده أصلا أن يرافقني خارج المنزل... لكنه أصر و لم أجد وسيلة للخلاص منه...
أيدتني راوية قائلة :
ـ أفهمي حسام أنه ابن عمتها و لم يرها منذ أكثر من خمس سنوات لذا فهو يتصرف ببعض الغرابة و ليس في قاموسه حدود شرعية للعلاقة بين الأقارب من الجنسين خاصة أنهما أصدقاء طفولة...
عدت إلى المنزل بعد يوم متعب نفسيا و جسديا من المحاضرات و من التفكير في وضع حد لطارق حتى لا تتكرر حادثة اليوم في مستقبل الأيام...
دخلت إلى المطبخ مباشرة حيث وجدت أمي تعد طعام العشاء
ـ هل عاد طارق؟
ـ نعم... إنه مع ماهر في غرفته يجربان لعبة الفيديو التي أحضرها له من أمريكا... هل تريدين الانضمام إليهما؟
هززت رأسي نافية و أنا أقول :
ـ لا أبدا... أمي، هناك مشكلة! لا أريد أن يخرج معي طارق بعد الآن!
نظرت إلي أمي متعجبة :
ـ لكنه ابن عمتك و هو في ضيافتنا... كما أنكما صديقان منذ طفولتكما!
ـ نعم يا أمي... كناااا أصدقاء طفولة... لكننا كبرنا الآن... و كلمة صداقة لم يعد لها معنى في هذا السن بين الشاب و الفتاة... كيف يبدو شكلي و أنا أمشي في الشارع مع شاب؟! هل يجب أن أسرد على كل من يمر بي قصة حياتي و أردد : إنه صديق طفولة و لا شيء بيننا!! كما أنه تسبب في مشكلة مع حسام...
ـ هل تكلما؟
ـ لا أبدا... حسام انصرف غاضبا لأنه رأى طارق يوشوش في أذني...
قلت ذلك و انفجرت باكية... هرعت إلي أمي لتخفف عني فاستطردت و دموعي تسيل على خدي :
ـ ما الذي يقوله عني الآن و ماذا يظن بي؟ بل ربما يغير رأيه في مسألة الارتباط برمتها!
في تلك اللحظة دخل طارق إلى المطبخ و ما إن رآني باكية حتى جرى إلي و أمسك بيدي و هو يهتف :
ـ مرام... حبيبتي... ما بك تبكين؟!
سحبت يدي في حدة و صرخت :
ـ أرجوك... ابتعد عني!
<<< تـابعـــــــــــونا غدا باذن الله >>>