الحلقة السادسة والعشرون:
كان الباب قد أغلق تماما أمام التفكير في المكالمات الهاتفية، فقد كان القرار حاسما حتى أنني لمت نفسي طويلا على جرأتي لتقديمي مثل ذاك الاقتراح... و دعوت الله أن لا يكون حسام قد وجد شيئا في نفسه من تهاوني بالمسألة... أو يكون قد ظن بي الظنون...
لكن تلك الرسالة التي تلقيتها من حسام كانت مفتاحا لطريقة جديدة للتواصل... طريقة عرفت معها متعة كبيرة... هي أرقى و أحلى و أبلغ من كلمات الغزل و الهيام...
فبعد بضعة أيام وجدت رسالة جديدة منه... كانت تبدو في ظاهرها خاطرة إيمانية عامة... لكنني أحسست بأنه يخاطبني بكل كلمة منها... ربما لأنني أحسست أنه كتبها من أجلي و ليذكرنا أن ما يجمعنا ماهو إلا سعينا لإرضاء الله... و أنه لا يجب أن تخالط نيتنا تلك أية نية أخرى تفقدها إشعاعها في قلوبنا
ثم صار يرسل لي يوميا خاطرة إيمانية يتناول فيها مواضيع شتى تلمس شغاف قلبي و تروي ظمأ روحي... فقد اكتشفت أنه ليس فقط ذا ثقافة دينية واسعة بل أنه كاتب متميز أيضا... تصلني أفكاره في أسلوب سلس و بسيط و لكنه ذو معاني عميقة في آن واحد، ما يسمى بالسهل الممتنع!
يحدثني عن الحياء فأجد وجنتي قد أشرقتا بحمرة محببة...
يصف أخلاق الصحابيات و أمهات المسلمين فتهفو نفسي شوقا للاقتداء بهن...
يذكرني بفضل صلاة الضحى فأقوم من فوري إلى سجادتي...
يحثني على قيام الليل و قرآن الفجر... فأتلذذ بمناجاة خالقي في الثلث الأخير من الليل...
صارت أحلى ساعات نهاري تلك التي أجلس فيها أمام الشاشة أقرأ خاطرته ثم أرد عليها بخاطرة أخرى من بنات أفكاري...
و أحلى ساعات ليلي تلك التي أوقظه فيها برنة على هاتفه لندعو الله معا أن يبارك لنا في علاقتنا قبل الزواج و بعده و يجمعنا على الخير و تقوى الله...
صرت أراقب نفسي أكثر و أفكر في كل تصرفاتي بطريقة مختلفة...
أريد أن أماريه في تحريه للحلال و الحرام قبل كل خطوة، أن أكون ندا له... أن أستحق زوجا مثله... و لا أخيب أمله لأنه اختارني من بين كل البنات اللاتي عرفهن... و من بين كل البنات اللاتي يتطلعن إليه...
و أجمل ما في الأمر أنه كان يذكرني في كل مرة بأنه ليس إلا شخصا عاديا له عيوب و مميزات و أنني لا يجب أن أتوقعه كاملا أو إنسانا مثاليا، فيزداد إعجابي به...
و يذكرني بتجديد نيتي في كل مرة لتكون خالصة لله وحده... و يؤكد علي بأن أنسى و أنا في مناجاتي وجوده لأنه لن ينفعني بشيء إن أنا خالطت نيتي أية مشاعر أخرى تفقدها صفاءها... فتتناثر دموعي خاشعة أسأل الله أن يرزقني الإخلاص فيتلاشى خيال حسام من أمام عيني لتبقى خشيتي لله و رجائي استجابته وحدها في قلبي...
و أخيرا قررت أن أبادر!! فقد كنت أتعلم منه طوال الفترة الماضية...
قررت أن أضع برنامجا مشتركا لعباداتنا معا...
فوضعت العبادات التالية و ظننت أنني أحطت بكل شيء و أنه لن يضيف عليها شيئا :
ذكر الله تعالى 500 مرة في اليوم
صلاة الضحى
المواظبة على السنن الرواتب قدر الإمكان
المحافظة على سنة الأحد عشرة ركعة في كل ليلة، بتقسيمها بين فترتي ما بعد العشاء و ما قبل الفجر على أن يكون معظمها في الثلث الأخير من الليل
قراءة جزء من القرآن يوميا لختم القرآن كل شهر
صيام الاثنين و الخميس من كل أسبوع
إخراج صدقة مرة في الأسبوع...
لم أكن قد تعودت على معظم هاته العبادات... لكنني نويت أن ألتزم و أجاهد نفسي قدر الإمكان
و لكنه كالعادة كانت له إضافة إلى البرنامج... إضافة متميزة و غاية في الرومانسية!
فقد اقترح أن يواظب كل منا على ذكر معين، يذكره كلما خطر الآخر على باله!
فنصنع عبادة حتى من تفكيرنا في بعضنا البعض! و يظل يذكرها حتى ينشغل بأمر آخر!!!
<<< تـابعـــــــــــونا غدا باذن الله >>>