المدير .
عدد الرسائل : 720 العمر : 47 المدينة : https://birelater1.mam9.com المهنة : اعلام الي وبرمجيات الهواية : الرياضة الادب العربي الشعر والسياحة الدولة : الجزائر السٌّمعَة : 14 تاريخ التسجيل : 18/02/2009
| موضوع: الإنتاج في الإسلام الأحد ديسمبر 13, 2009 12:56 am | |
| الإنتاج في الإسلام
ملخص البحث:
إعداد: محمد عبدالرحيم سيد أحمد / 1984
جامعة أم درمان الإسلامية - كلية الإقتصاد والدراسات الإسلامية
إن الاجتهادات البشرية في مناحي العلوم المختلفة و في مجال الاقتصاد و ما تبعها من تطبيقات و تجارب عملية هي ثمرات لتركم خبرات و مجهودات بشرية جديرة بالاحترام كمجهود بشري. و إذا اخزنا في الاعتبار التوجيهات الإسلامية في مجال المعاملات و الاقتصاد المستمدة من أصل الشرع و صريح النصوص فتكون الأولى جديرة بالإهمال.
فهل توجد لدينا تطبيقات عملية و تجارب موثقة للتطبيقات الاقتصادية الإسلامية ؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه ثمرة العاطفة الدينية ؟
لكي لا نخوض في مقارنة تجارب موثقة مع أخرى لا تحمل نفس الدرجة من فرص التجريب العملية ، سنقتصر المقارنة هنا فقط على الجانب النظري لمقارنة أسس الخلاف بين الاقتصاد الإسلامي و كل من الاقتصاد الرأسمالي و الاشتراكي من حيث العناصر الرئيسية [ عوامل الإنتاج ] مدى التطابق أو التقارب إن وجد في بعض العناصر و ماهي أوجه الخلاف.
من المعروف ان عوامل الانتاج في الفكر الاقتصادي الرأسمالي هي رأس المال والطبيعة والعمل والتنظيم. اما في الفكر الاقتصادي الاسلامي، فقد أكد فقهاء المسلمين بأن الانتاج يقوم على دعامتين اساسيتين هما العمل والمال. أي ان عوامل الانتاج في الفكر الاقتصادي الإسلامي هما العمل والمال.
أ – العمل: يرى الإسلام ان العمل ضرب من العبادة، فأختصه بالتمجيد ودعا للعمل والنشاط الاقتصادي دعوة صريحة: فقال تعالى ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) وقال ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) وقال ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضله) ويقول النبي?: ( ان اشرف الكسب كسب الرجل من يده).
ولم يفرق الإسلام بين انواع العمل فكلها تتمتع باحترام المجتمع، ومن أدلة تمجيد الإسلام للعمل ان الرسول نفسه اشتغل في بدء حياته بالرعي، كما اشتغل بالتجارة. فالعمل والانتاج يرتقيان في نظر الاسلام إلى مستوى التعبد بل مستوى الجهاد في سبيل الله حتى أن النبي (صلى الله عليه و سلم) فضل العمل و السعي في طلب الرزق على الانقطاع إلى العبادة فقد امتدح قوم رجلاً إلى رسول الله بالاجتهاد في العبادة والغنى عن العمل.. وقالوا صحبناه في سفر فما رأينا بعدك يا رسول الله اعبد منه، كان لا ينتقل من صلاة ولا يفطر من صيام، فقال لهم فمن كان يمونه ويقوم به؟ فقالوا كلنا يا رسول الله. قال كلكم اعبد منه . كما اعتبر الإسلام ان العمل نعمة تقتضي الشكر عليها ومن ثم الحفاظ عليها فيقول تعالى ( ليأكلوا من ثمره وما عملته ايديهم افلا يشكرون) هذه هي منزلة العمل في الفكر الاقتصادي الإسلامي.
ب – المال: يشمل هذا اللفظ رأس المال المعروف في الفكر الاقتصادي. وكذلك الموارد الطبيعية اللازمة للانتاج إذ يعرف البعض المال بصفة عامة بأنه كل ما يمكن حيازته والانتفاع به، ولا يقع اسم المال الا على ماله قيمة يباع بها، فالشيء لا يعد مالاً في نظر البعض الا إذا تحقق فيه امران ـ وعلى هذا الرأي:
احدهما إمكان حيازته واحرازه وثانيهما إمكان الانتفاع به. على ذلك لا تعد الأشياء النافعة والتي لا يمكن حيازتها اموالاً كالهواء الطلق وحرارة الشمس وضوء القمر كذلك لا تعد مالاً تلك الاشياء التي يمكن حيازتها ولكن لا ينتفع بها اصلاً كلحم الميتة والطعام الفاسد. وبذلك نجد ان عوامل الانتاج في الإسلام هما عاملان اساسيان الأول هو العمل والثاني هو المال الذي يشمل الموارد الطبيعية اللأزمة للانتاج وكل ما يمكن حيازته والانتفاع به. عمل وجعل الحق في الارض منوطا بعملية الاحياء دون اعمال القوة، وحرم الاسلام الكسب دون سبب«كما حرم الاسلام الفائدة وألغى رأس المال الربوي وبذلك ضمن تحول رأس المال هذا في المجتمع الاسلامي ألى رأس مال منتج يساهم في المشاريع الصناعية والتجارية»1. وتحريم الفائدة يؤدي الى تحويل الرأسماليين الذين كانوا يقرضون أموالهم بفائدة الى مضاربين يساهمون في المشاريع الصناعية والتجارية، بالاضافة الى أن هذه الاموال سوف تسخدم بعزم وطمأنينة في المشاريع. «كما ان الاسلام منع من اكتناز النقود وسحبها عن مجال التداول وتجميدها وذلك عن طريق فرض ضريبة على مايكتنز من النقود الذهبية والفضية» بالاضافة الى الاثم الذي يحصل للمكتنز لانه عمل محرم، فبضريبة الزكاة يقضى على الاكتناز والادخار وتندفع الاموال الى حقول النشاط الاقتصادي بعكس نظر الاقتصاديين الذين يرون أن الادخار عامل نافع وإن الفائدة شيء مشروع. هذه هي بعض الوسائل لتنمية الانتاج بالاضافة الى السياسة الاقتصادية لتنمية الانتاج في الدولة، فقد ترك الاسلام للدولة أن تدرس الشروط الموضوعية للحياة الاقتصادية وتضع السياسة الاقتصادية التي تؤدي الى زيادة الانتاج ونمو الثروة.
مبادئ الاقتصاد الاسلامي في الإنتاج:
أوّلاً ـ مبدأ الملكية المطلقة لله تعالى:
ونقصد به أن كل ما في الكون هو ملك لله تعالى.. أي أنه هو المالك الحقيقي، و الإنسان مستخلف على هذه الأموال (الأصول) وأن ملكية الإنسان هي ملكية إعتبارية تتحدد وفق أسلوب ومفاهيم معينة. قال تعالى: «ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض» وقوله سبحانه: «ولله ملك السموات والأرض والله على كل شيء قدير»، وفي آية أخرى: «ولله ملك السموات والارض وما بينهما وإليه المصير» و«إن الله له ملك السموات والأرض يُحي ويميت وما لكم من دون الله من وليّ ولا نصير» و«ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير» وآية أخرى «تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير» وقوله جلت قدرته «ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون» وقوله تعالى «ولله ميراث السموات والأرض» وكذلك قوله سبحانه «فأبتغوا عند الله الرزق وأعبدوا وأشكروا له» وغيرها عشرات الآيات الكريمة التي تؤكد وبشكل واضح أن «الملكية الحقيقية» المطلقة لله جلت قدرته ولا أحد معه منازع كما في قوله تعالى «الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك» أما ملكية الإنسان فهي ملكية إعتبارية فوضها الله سبحانه له لتحقيق عملية الإستخلاف لذا قال تعالى «آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه» وقوله «هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره» وقوله «وآتوهم من مال الله الذي آتاكم» وآيات عديدة أخرى تشير إلى هذه الحقيقة.
ثانياً ـ مبدأ الملكية المتعددة:
وهو أن الملكية في الإسلام وكما أوضح القرآن الكريم في آيات مختلفة ومتعددة وكذلك السنّة المطهّرة أن للملكية عدّة أشكال:
- منها ما كان ملكية عامة وهي الملكية التي تملكها الأمة جميعاً لما ورد فيها من حق عام كالأرض الخراجية «وهي الارض العامرة المفتوحة بالجهاد».
- ما كان ملكية للدولة كملكية المعادن والأنفال «يسألونك عن الأنفال. قل الأنفال لله والرسول فأتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين» وهذا بسبب المنصب الإلهي، ومنها الملكية الخاصة كتوزيع الفيء ( الغنيمة) وهناك المباحات وأمثالها. ثالثاً ـ مبدأ الحرية الاقتصادية:
وهذا يعني كما في القرآن الكريم مجال الحرية واسع ضمن الخط العام للرسالة الشريفة، فإن هذه الحرية متوفرة في الجانب الإقتصادي وفق الأخلاق الإسلامية وضمن الترابط المتصل بين أجزاء هذا النظام... إلاّ أنه يجدر القول أن الحرية الإقتصادية الممنوحة للمجتمع أفراداً ومؤسسات لم تكن الدولة محرومة منها، بل لديها حق التدخل في النشاط الإقتصادي وكذلك لها حق الاشراف العام حينما تتعدى حرية الأفراد الإقتصادي السلوك الإنساني المطلوب.
رابعاً ـ مبدأ العدالة في التوزيع:
وهذا ما ينسجم تماماً مع أخلاقية النظام الاسلامي ككل، فلا أكتناز للثروات وأبطال عملها وجعلها مشلولة الحركة، ولا أستيلاء على الاراضي وأسترقاق الآخرين فيها أو أحتكارها وتعطيلها، فالأرض والبئر لمن أحياها... ولهذا المبدأ أهمية بالغة وسوف نحاول التعرض له في المستقبل.
خامساً ـ مبدأ كون الاقتصاد في المفهوم القرآني وسيلة وليست غاية أو هدف.... إنما هو طريق ووسيلة لتمكين الإنسان من تحقيق مبدأ الخلافة الربانية على الأرض.. حيث ان الإسلام لا يجيز للمسلم أن يعمل فقط على تجميع الثروات دون توظيفها في مكانها المناسب أو إنفاقها بالصالح العام..... ولذا فقد حرم الله تعالى كل عمل غير إنساني ومنع الكتسب منه.... والمعروف أن كل عمل غير إنساني هو عمل ضار لا فائدة فيه.
ثامناً ـ مبدأ العمل وحق جميع أفراد المجتمع فيه: إذ أكد القرآن الكريم على العمل وفق نظامه في العمل الصالح وأرجع الثروة والملكية والحصول عليها إلى العمل، فالعمل في نظر القرآن أساس الثروة والملكية الرئيس.
قال سبحانه «فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه» «وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» بل إن الله تعالى جعل العمل من أشرف الموضوعات في هذا الجانب، ثم جعل العمل حق لكل أنسان وعلى الدولة أن تهيىء العمل لكل من يستطيع عليه.
ثانياً ـ عوامل الانتاج كما أشار اليها القرآن الكريم
لقد أسلفنا مدى الاهتمام الذي أولاه القرآن الكريم على الجانب الاقتصادي، وهذا واضح من الآيات القرآنية الشريفة المتناثرة في الكتاب، والتي جاءت لتؤكد تأكيداً حيّاً ومباشراً على الانتاج الذي يعتبر العمود الفقري في السياسة الاقتصادية، والاهتمام به هو الاهتمام بالاقتصاد والعمل على نجاحه....
وإذا كانت المبادىء الوضعية قد أشارت لعوامل الانتاج فإن القرآن الكريم أكد على خطوطه العامة في سياسته الاقتصادية وبصورة جميلة ورائعة تبعث الجد والعمل والأمل في النفس الإنسانيّة طاردة منها عنصر البؤس والكسل والخمول، وموجهة لها نحو التقدم والتطور والابداع، ولعل التأريخ العام لرسالتنا السمحاء وعلى الرغم من كل الانحرافات والابتعاد عن الخط الأصيل والصحيح يعطينا صورة مشرقة لنتائج هذه السياسة.
وعوامل الانتاج التي أشار اليها القرآن الكريم هي كالآتي:
1 ـ الطبيعة: وتشمل الأرض وما فيها مما ينفع الناس، وقد أكد القرآن الكريم بشكل منقطع النظير حول هذه المسألة لدرجة تشويق الانسان لهذا العامل المهم في عملية الانتاج، وما في الطبيعة من نعم ومالها من أهمية بالغة سخرها الله تعالى للانسان ففي آية مباركة يقول الباري عزّ وجلّ «قل انظروا ماذا في السموات والأرض» وفي آية أخرى «وسخّر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً» وفي هاتين الآيتين دلالات كثيرة.
فالعالم في الفلسفة والكلام يستخرج منها ضالته وما يريد في موضوعه من معرفة الخالق من مخلوقاته، والاقتصادي يفتش عمّا في السماوات والأرض من كنوز.
ثم يقول عز من قائل في آية أخرى «الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج من الثمرات رزقاًلكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخّر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الأنسان لظلوم كفّار» حيث أن القرآن سبق الأنظمة الاقتصادية الأخرى في تبين العنصر الرئيس والأول للانتاج والسابق له، بل ولم يقتصر الإسلام على الأرض لوحدها بأعتبارها العنصر الأول للانتاج، بل أكد على الأرض بأعتبارها الحقيقة التي لابد منها لعملية الانتاج.
2 ـ العمل: وهو العامل الثاني الذي أكد عليه القرآن الكريم بشكل واسع وكبير بأعتباره الأساس المهم للملكية وتحققها، إذ أن الملكية في الإسلام تحدد من خلال العمل المصروف عليها وهو بطبيعة الحال العمل المؤدي إلى المنفعة «ويعتبر مصدر الحقوق الخاصة» ويقصد بالعمل... هو العمل المشروع الناتج عن تقديم الجهد المشروع وليس جهد القوة كما يقوم به الغرب من أرهاب وأستيلاء بالقوة على البلدان وإستلاب خيراتها، ولا العامدين على الاستيلاء على الأراضي بالقوة، كما يفعل الإقطاع والملاّك، فلذا أطلق الإسلام على العمل ذي الجهد المشروع بالعمل الاقتصادي وأعتبره مصدراً طبيعياً للتملك كإحياء الأرض الميتة والعمل في المصنع أو تربية المواشي أو.... الخ.
وقد نهى الإسلام عن البطالة وتروى قصة ان الرسول واجه فقير يسأل فقال له أما لك مال؟ فقال: لا فأعاد عليه السؤال مؤكداً فقال عندي حلس ( أي بساط) نجلس على بعضه ونتغطى ببعضه وقدح نشرب به فقال إتيني بهما نعرضها على من كان عنده قائلاً من يشتري مني هذين، إلى أن باعهما بدرهمين فأعطاه أياهما وقال أشتر بأحدهما طعاماً لعيالك وأشتر بالآخر فأساً وأمره بأن يعود إليه فعاد إليه فوضع له خشبة في الفأس، وقال إذهب وأحتطب ولا أرينك خمسة عشر يوماً فذهب ثم عاد إليه بعد خمسة عشر يوماً ومعه عشرة دراهم فقال: يا رسول الله بارك الله لي فيما أمرتني به، فقال هذا الأخير أن تأتي يوم القيامة وفي وجهك نكتة المسألة ولذلك فالعمل حسب ما جاء من نصوص مؤكدة ومشددة فيه يدخل من باب الواجب، وأن السؤال لا يجوز لمن يقدر على العمل، فهو معال، أما هو يعيل نفسه أو الدولة.
3 ـ رأس المال: وهو العامل الثالث من عوامل الانتاج كما يصطلح عليه في الاقتصاد الحديث وعبر عنه الإسلام بالثروة.
والثروة كما اشار اليها القرآن الكريم بنقاط مختلفة نراه يؤكد على:
أ ـ الثروة والمجتمع: فالثروة هي رأس مال الأمم وهي رأس مال الفرد أيضاً وقد أهتم القرآن الكريم في هذا الجانب حتى ورد عن الامام الصادق( ع) قوله: «لا خير فيمن لا يحب جمع المال من حلال يكف به وجهه ويقضي به دينه ويصل به رحمه».
فالثروة من الأهداف المهمة، وكما يعبر عنها أحد الفقهاء العظام أنّها «هدف طريق لا هدف غاية»، وهي وسيلة يؤدي بها الإنسان المسلم دور الخلافة الربانية ويستخدمها في سبيل تنمية الطاقات البشرية والتسامي بأنسانية الإنسان في مجالاتها المعنوية والمادية.
فهي «الثروة» نعم العون على الآخرة إذا كانت مرشدة غير لاهية عن ذكر الله سبحانه حيث يقول «يا ايها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون».
ويقول الشهيد الصدر( رض): «فالإسلام يريد من الإنسان المسلم أن ينمي الثروة ليسيطر عليها وينتفع بها في تنمية وجوده ككل لا تسيطر عليه الثروة وتستلم منه زمام القيادة وتمحو من أحكامه الأهداف الكبرى».
فإذا ما أصبحت الثروة هي المسيطر فسيفقد الإنسان رسالته في الوجود وسينطبق عليه قول الله تعالى «ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر».
وقوله: «قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم وأخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال أقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله يهدي القوم الفاسقين».
ويقول تعالى: «ويل لكل هُمزة لمزة الذي جمع مالاً وعدده يحسب أن ماله أخلده كلاّ ليُنبذن في الحطمة»، وآيات كثيرة أخرى.
وعلى هذا الأساس فإن الثروة تشمل كل ما يمكن الانتفاع به ويشبع حاجة أنسانية، وأن أمتلاكها أي الثروة يتحقق بصرف العمل عليها... لذا نلاحظ كثيراً من الآيات ترد في سياق هذا المعنى السالف الذكر.
قال تعالى: «ويل للمطففين. الذين إذا أكتالوا على الناس يستوفون. وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون».
وقوله تعالى يخاطب المؤمنين: «يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم».
وقوله تعالى: «ولا تقربوا مال اليتيم إلاّ بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إنّ العهد كان مسئولا وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا».
ب ـ التفاوت بالثروة: وهي المسألة الثانية التي وردت في مسألة التأكيد على الثروة حيث أن التفاوت بالثروة نشأ نتيجة.
1 ـ ظلم الإنسان لأخيه الإنسان الآخر، قال تعالى مشيراً لبعض الظلم «وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون».
وقوله سبحانه: «وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً».
2 ـ اختلاف القابليات: وهو أمر طبيعي إذ لابد منه فمالم يكن كذلك فسوف تنعدم الخدمات بين الناس. فالغبي والذكي والعامل والمهندس... الخ كلها عوامل تكشف عن حقيقة تتحكم فيه أجواء الحياة المختلفة.
ج ـ إدارة الثروة: وهو أمر مهم أشار إليه القرآن الكريم في العديد من آياته المباركة. قال تعالى: «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون».
وقوله سبحانه في موضع آخر: «ولا تُؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفاً وأبتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم منهم رشداً فأدفعوا اليهم أموالهم ولا تأكلوا إسرافاً وبداراً أن يكبروا ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف فاذا دفعتم اليهم أموالهم فاشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا».
4 ـ التنظيم: ويسمّى أيضاً المنظم وهو أحد عوامل الانتاج التي تؤكد عليها بعض الأنظمة المادية سيما النظام الرأسمالي إذ يعتبر العوامل السابقة لا فائدة حقيقية منها دون وجود المنظم. فهو الذي يوائم هذه الأمور في عملية الانتاج ولو راجعنا نظامنا الاسلامي لرأينا أن هذا العنصر له أهمية لا يمكن الاستهانة بها، ولابد من وجود قائم من ذوي الخبرة والادارة والحنكة.
جامعة أمدرمان الإسلامية
دبلوم الاقتصاد الإسلامي و البنوك الإسلامية
1985 م | |
|