الثقل الابداعي للقصيدة العربية
داود سلمان الشويلي
كثيرا ما نقرأ القصيدة – أي قصيدة – وتعجبنا أي اعجاب فنسأل انفسنا ، او لنقل ذائقتنا النقدية ، او ذائقتنا الاعجابية ، ما الذي اعجبنا فيها ؟ فيأتي الجواب – ربما – سريعا: انه البيت الفلاني او الفكرة الفلانية او ما فيها – جميعا – من نظرة مأساوية او مفرحة ، او ... الخ .
ومن الاجابات السريعة : اعجبتني . افرحتني . احزنتني . او حركت في نفسي (كذا) من المشاعر . اجابات كثيرة ، الا انها عامة .
ان السطور السابقة ليست من باب وضع نظرية خاصة لما يسمى في النقد الحديث (استجابة القاريء) ولا هي اجابة لسؤال : كيف تتذوق الشعر؟ وانما هي استجابة لسؤال طرحته على ذائقتي النقدية ، هو : ماذا اعجبك بقصائد الفرزدق وجرير ونزار قباني هذه ؟ ولهذا كتبت هذه السطور ،
ان ما كتبته هنا اسميته (الثقل الابداعي للقصيدة ) أي لو وزنا القصيدة فأننا سنجدها مبنية على بيت واحد او بيتين دارت حوله فكرة –افكار- القصيدة بأجمعها ، وارى ان الذي دعانا للاعجاب بهذه القصيدة او تلك ، ودون شعور ، هو هذا البيت ، اما القصيدة فهي عبارة عن ابيات جاءت تحف بهذا البيت ، او تدور حوله ، او كانت تنوعا لصوره .
***
جرير والفرزدق:
هما شاعران معروفان ، ومهما كتبت عنهما لا افيهم حقهما ، الا انني اذكر :
جرير:
(28 - 110 هـ / 648 - 728 م)
هو: جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي، أبو حزرة، من تميم.
أشعر أهل عصره، ولد ومات في اليمامة، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم فلم يثبت أمامه غير الفردق والأخطل. كان عفيفاً، وهو من أغزل الناس شعراً.(1)
***
الفَرَزدَق:
(( ...(38 - 110 هـ / 658 - 728 م).
هو :همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس.
شاعر من النبلاء، من أهل البصرة، عظيم الأثر في اللغة.
وهو صاحب الأخبار مع جرير والأخطل، ومهاجاته لهما أشهر من أن تذكر. كان شريفاً في قومه، عزيز الجانب، يحمي من يستجير بقبر أبيه.
توفي في بادية البصرة، وقد قارب المئة .)).(2)
وقال الفرزدق: ((أنا عند الناس أشعرُ العرب، ولرُبَّما كان نزْعُ ضِرسٍ أيسرَ عليَّ من أن أقول بيت شعر )).(3)
لقب بالفرزدق لجهامة وجهه وغلظه. ومعنى الفرزدق ((جمع فرزدقة وهو قطع العجين غير مخبوزة ويقال بل الرغيف فرزدقة ويقال إنه فتات الخبز.)).(4)
وجاء في(الحلل في اصلاح الخلل في كتاب الجمل):
((واختلف كلام ابن قتيبة في تلقيبه بالفرزدق:
فقال في أدب الكتاب: الفرزدق: قطع العجين، واحدها فرزدقة، وهو لقب له؛ لأنه كان جهم الوجه.!
وقال في كتاب طبقات الشعراء: إنما لقب بالفرزذق لغلظه وقصره، شبه بالفتيتة التي تشربها النساء، وهي الفرزدقة.
والقول الأول أصح؛ لأنه كان أصابه جدري في وجهه، ثم برئ منه، فبقى وجهه جهماً)).(5)
***
قالوا عن الفرزدق :
قال صاحب(الاغاني)
(( قال ابن سلام: وقال ابن دأب: الفرزدق أشعر عامةً وجرير أشعر خاصةً. وقال أبوعبيدة: كان أبو عمرو يشبه جريراً بالأعشى، والفرزدق بزهير، والأخطل بالنابغة، قال أبو عبيدة: يحتج من قدم جريراً بأنه كان أكثرهم فنون شعر، وأسهلهم ألفاظاً، وأقلهم تكلفاً، وأرقهم نسيباً، وكان ديناً عفيفاً. وقال عامر بن عبد الملك: جرير كان أشبههما وأنسبهما.
ونسخت من كتاب عمرو بن أبي عمرو الشيباني: قال خالد بن كلثوم: ما رأيت أشعر من جرير والفرزدق)).(6)
وقال(( النُّميري:
يا صاحِبيّ دنا الرّواح فسِيرا غَلَبَ الفَرَزْدَقُ في الهجاءِ جريرا)).(7)
وقال المبرد : ((وقيل لبشر بن مروان: أيُّما أشعر، جرير أم الفرزدق أم الأخطل؟ فقال: والله ما كان الأخطل مثلهما، ولكن أبت ربيعة إلا أن تجعله ثالثاً، قال: أجرير أم الفرزدق؟ فقال: إن جريراً سلك أساليب من الشعر لم يسلكها الفرزدق، ولقد ماتت النوار وكانوا ينوحون عليها بشعر جرير. وكان الأصمعي يقول: قال أبو عمرو بن العلاء: الأخطل ثم الفرزدق ثم جرير، وكان أبو عبيدة يقول بمثل قول أبي عمرو. ويروى أن الفرزدق قال للنوار: أنا أشعر أم جرير؟ قالت: إنك لشاعر وإن جريراً والله لشاعر، قال لها: أتُقسمين على جرير! قالت: إنه والله غلبك على حُلوه وشاركك في مُرّه. وسئل ابن دأب عن جرير والفرزدق فقال:
الفرزدق أشعر عامة وجرير أشعر خاصة. وسئل يونس بن حبيب عنهما فقال أبو عبيدة للسائل: أنا أخبرك عنه، الفرزدق أشعر. )).(
***
القصيدتان :
1- قصيدة جرير:
هي قصيدة رثاء ، يرثي زوجته (( خالدة بنت سعيد بن أوس بن معاوية بن خلف بن بجاد بن معاوية بن أوس بن كليب، وهي أم حزرة وكان جرير يسمي هذه القصيدة الجوساء - وقيل الحوساء - لذهابها في البلاد.)). (9)
لولا الحياء
جرير يرثي امرأته أمّ حَزْرة:
لولا الحياءُ لـــــهاجَني استعبارُ ولزُرتُ قبركِ والحبيبُ يُزارُ
وَلَقَد نَظَرتُ وَما تَمَتُّعُ نَظــــرَةٍ في اللَحدِ حَيثُ تَمَكَّنَ المِحفارُ
فَجَزاكِ رَبُّكِ في عَشيرِكِ نَظــرَةً وَسَقى صَداكِ مُجَلجِلٌ مِدرارُ
وَلَّهتِ قَلبي إِذ عَلَتني كَــــبرَةٌ وَذَوُو التَمائِمِ مِن بَنيكِ صِغارُ
أرعَى النُّجومَ وقد مضتْ غَورِيَّةٌ عُصَـبُ النُّجوم كأنَّهنَّ صِوارُ
نِعمَ القَرينُ وَكُنتِ عِــلقَ مَضِنَّةٍ وارى بِنَعفِ بُلَيَّـــــةَ الأَحجارُ
عَمِرَت مُكـَرَّمَةَ المَساكِ وَفارَقَت مـــــــا مَسَّها صَلَفٌ وَلا إِقتارُ
فسقَى ثرَى جدثٍ ببُرقة ضاحكٍ هـــــزِمٌ أجشُّ وديمةٌ مـــِدرارُ
هَزِمٌ أَجَــشُّ إِذا اِستَحارَ بِبَلدَةٍ فَكَأَنَّما بِجِوائِها الأَنـــــــــــهارُ
متراكب زجِـلٌ يُضيءُ وميضُهُ كالبُلقِ تحت بطونها الأمـهارُ
كانتْ مُكارمةَ العَشير ولـم يكنْ يخشَى غوائلَ أمّ حَزْرةَ جـارُ
ولقد أراكِ كُسيتِ أجــملَ منظرٍ ومع الجَمالِ سكينةٌ ووقــــارُ
وَالريــــحُ طَيِّبَةٌ إِذا اِستَقبَلتِها وَالعِرضُ لا دَنِسٌ وَلا خَوّارُ
وَإِذا سَـرَيتُ رَأَيتُ نارَكِ نَوَّرَت وَجهاً أَغَرَّ يَزينُهُ الإِسفارُ
صــلَّى الملائكةُ الَّذين تُخيِّروا والمُصطفونَ عليك والأبرارُ
وعليكِ مـن صلواتِ ربّك كلَّما ضجَّ الحجيجُ ملبِّينَ وغاروا
يا نظرة لك يوم هاجـتْ عبرةً مِن أُمّ حَـرزة بالنُّميرةِ دارُ
تحيي الرَّوامـسُ ربعَها فتجدُّهُ بعد البــلَى وتُميتُهُ الأمطارُ
وَكَأَنَّ مَنزِلَةً لَـــها بِجُلاجِلٍ وَحيُ الزَبورِ تُجِدُّهُ الأَحبارُ
لا تُكثِرَنَّ إِذا جَعَلتَ تَــلومُني لا يَذهَبَنَّ بِحِلمِكَ الإِكثارُ
كانَ الخليطُ همُ الخليطُ فأصبحوا مُتبدِّلين وبالدِّيار ديـــارُ
لا يلبثُ القُرنــــاءُ أنْ يتفرَّقوا ليلٌ يــــكرُّ عليهمُ ونهارُ
أَفَأُمَّ حَزرَةَ يا فــــَرَزدَقُ عِبتُم غَضِبَ المَليكُ عَلَيكُمُ القَهّارُ
كانَت إِذا هَــجَرَ الحَليلُ فِراشَها خُزِنَ الحَديثُ وَعَفَّتِ الأَسرارُ
لَيسَت كَأُمِّكَ إِذ يَعَضُّ بِقُــرطِها قَينٌ وَلَيسَ عَلى القُرونِ خِمارُ
سَنُثيرُ قَينَكُمُ وَلا يوفى بِــــها قَينٌ بِقارِعَةِ المِقَرِّ مُثارُ
وُجِدَ الكَتيفُ ذَخيرَةً في قـــَبرِهِ وَالكَلبَتانِ جُمِعنَ وَالميشارُ
يَبكي صَداهُ إِذا تَهَزَّمَ مِرجَـــلٌ أَو إِن تَثَلَّمَ بُرمَةٌ أَعشارُ
رَجَفَ المِقَرُّ وَصاحَ فــي شَرقِيِّهِ قَينٌ عَلَيهِ دَواخِنٌ وَشَرارُ
قَتَلَت أَباكَ بَنــــو فُقَيمٍ عَنوَةً إِذ جُرَّ لَيسَ عَلى أَبيكَ إِزارُ
حَدراءُ أَنكَـــرَتِ القُيونَ وَريحَهُم وَالحُرُّ يَمنَعُ ضَيمَهُ الإِنكارُ
لَــــمّا رَأَت صَدَأَ الحَديدِ بِجِلدِهِ فَاللَونُ أَورَقُ وَالبَنانُ قِصارُ
قالَ الفَرَزدَقُ رَقِّـــعي أَكيارَنا قالَت وَكَيفَ تُرَقَّعُ الأَكيارُ
رَقِّع مَتاعَكَ إِنَّ جَدّي خـــالِدٌ وَالقَينُ جَدُّكَ لَم تَلِدكَ نِزارُ
وَسَمِعتُها اِتَّصَلَت بِذُهلٍ إِنَّـــهُم ظَلَموا بِصِهرِهِمُ القُيونَ وَجاروا
دَعَتِ المُصَوِّرَ دَعوَةً مَسموعَةً وَمَعَ الدُعاءِ تَضَرُّعٌ وَحِذارُ
عاذَت بِرَبِّكَ أَن يَكـونَ قَرينُها قَيناً أَحَمَّ لِفَسوِهِ إِعصارُ
أَوصَـــت بِلائِمَةٍ لِزيقٍ وَاِبنِهِ إِنَّ الكَريمَ تَشينُهُ الأَصهارُ
إِنَّ الفَضيحَةَ لَــو بُليتِ بِقَينِهِم وَمَعَ الفَضيحَةَ غُربَةٌ وَضِرارُ
هَلّا الزُبَيرَ مَنَعــتَ يَومَ تَشَمَّسَت حَربٌ تَضَرَّمُ نارُها مِذكارُ
وَدَعا الزُبَيرُ فَما تَحَرَّكَتِ الحُبى لَو سُمتَهُم جُحَفَ الخَزيرِ لَثاروا
غَـــرّوا بِعَقدِهِمُ الزُبَيرَ كَأَنَّهُم أَثوارُ مَحرَثَةٍ لَهُنَّ خُوارُ
وَالصِمَّتَينِ أَجَــــرتُمُ فَغَدَرتُمُ وَاِبنُ الأَصَمِّ بِحَبلِ بَيبَةَ جارُ
أَخزاكَ رَهطُ اِبنِ الأَشَدِّ فَأَصبَحَت أَكبادُ قَومِكَ ما لَهُنَّ مَرارُ
باتَت تُكَلَّتُ ما عَلِمــــتَ وَلَم تَكُن عونٌ تُكَلَّفُهُ وَلا أَبكارُ
سَبّوا الحِمارَ فَسَوفَ أَهجو نِسوَةً لِلكيرِ وَسطَ بُيوتِهِنَّ أُوارُ
إِنَّ الفَرَزدَقَ لَن يُزاوِلَ لُؤمَــهُ حَتّى يَزولَ عَنِ الطَريقِ صِرارُ
فيمَ المِراءُ وَقَد سَبَقتُ مُـجاشِعاً سَبقاً تَقَطَّعُ دونَهُ الأَبصارُ
قَضَتِ الغَطارِفُ مِن قُرَيشٍ فَاِعتَرِف يا اِبنَ القُيونِ عَلَيكَ وَالأَنصارُ
هَل في مِئينَ وَفي مِئينَ سَبَقتُها مَدَّ الأَعِنَّةِ غايَةٌ وَحِضارُ
كَذَبَ الفَرَزدَقُ إِنَّ عودَ مُجاشِعٍ قَصِفٌ وَإِنَّ صَليبَهُم خَوّارُ
وَإِذا بَطِنتَ فَأَنتَ يا اِبنَ مُجاشِعٍ عِندَ الهَوانِ جُنادِفٌ نَثّارُ
سَعدٌ أَبَوا لَكَ أَن تَفي بِجِوارِهِم أَو أَن يَفي لَكَ بِالجِوارِ جِوارُ
قَد طالَ قَرعُكَ قَبلَ ذاكَ صَفاتَنا حَتّى صَمِمتَ وَفُلِّلَ المِنقارُ
يا اِبنَ القُيونِ وَطالَما جَرَّبتَني وَالنَزعُ حَيثُ أُمِرَّتِ الأَوتارُ
ما في مُعاوَدَتي الفَرَزدَقَ فَاِعلَموا لِمُجاشِعٍ ظَفَرٌ وَلا اِستِبشارُ
إِنَّ القَصائِدَ قَد جَدَعنَ مُجاشِعاً بِالسُمِّ يُلحَمُ نَسجُها وَيُنارُ
وَلَقوا عَواصِيَ قَد عَيِيتَ بِنَقضِها وَلَقَد نُقِضتَ فَما بِكَ اِستِمرارُ
قَد كانَ قَومُكَ يَحسَبونَكَ شاعِراً حَتّى غَرِقتَ وَضَمَّكَ التَيّارُ
نَزَعَ الفَرَزدَقُ ما يَسُرُّ مُجاشِعاً مِنهُ مُراهَنَةٌ وَلا مِشوارُ
قَصُرَت يَداكَ عَنِ السَماءِ فَلَم يَكُن في الأَرضِ لِلشَجَرِ الخَبيثِ قَرارُ
أَثنَت نَوارُ عَلى الفَرَزدَقِ خَزيَةً صَدَقَت وَما كَذَبَت عَلَيكَ نَوارُ
إِنَّ الفَرَزدَقَ لا يَزالُ مُقَنَّعاً وَإِلَيهِ بِالعَمَلِ الخَبيثِ يُشارُ
لا يَخفَيَنَّ عَلَيكَ أَنَّ مُجاشِعاً لَو يُنفَخونَ مِنَ الخُؤورِ لَطاروا
قَد يُؤسَرونَ فَما يُفَكَّ أَسيرُهُم وَيُقَتَّلونَ فَتَسلَمُ الأَوتارُ
وَيُفايِشونَكَ وَالعِظامُ ضَعيفَةٌ وَالمُخُّ مُمتَخَرُ الهُنانَةِ رارُ
نَظَروا إِلَيكَ وَقَد تَقَلَّبَ هامُهُم نَظَرَ الضِباعُ أَصابَهُنَّ دُوارُ
قُرِنَ الفَرَزدَقُ وَالبَعيثُ وَأُمُّهُ وَأَبو الفَرَزدَقِ قُبِّحَ الإِستارُ
أَضحى يُرَمِّزُ حاجِبَيهِ كَأَنَّهُ ذيخٌ لَهُ بِقَصيمَتَينِ وِجارُ
لَيسَت لِقَومي بِالكَتيفِ تِجارَةٌ لَكِنَّ قَومي بِالطِعانِ تِجارُ
يَحمي فَوارِسيَ الَّذينَ لِخَيلِهِم بِالثَغرِ قَد عَلِمَ العَدُوُّ مُغارُ
تَدمى شَكائِمُها وَخَيلُ مُجاشِعٍ لَم يَندَ مِن عَرَقٍ لَهُنَّ عِذارُ
إِنّا وَقَينُكُمُ يُرَقِّعُ كيرَهُ سِرنا لِنَغتَصِبَ المُلوكَ وَساروا
عَضَّت سَلاسِلُنا عَلى اِبنَي مُنذِرٍ حَتّى أَقَرَّ بِحُكمِنا الجَبّارُ
وَاِبنَي هُجَيمَةَ قَد تَرَكنا عَنوَةً لِاِبنَي هُجَيمَةَ في الرِماحِ خُوارُ
وَرَئيسُ مَملَكَةٍ وَطِئنَ جَبينَهُ يَغشى حَواجِبَهُ دَمٌ وَغُبارُ
نَحمي مُخاطَرَةً عَلى أَحسابِنا كَرُمَ الحُماةُ وَعَزَّتِ الأَخطارُ
وَإِذا النِساءُ خَرَجنَ غَيرَ تَبَرُّزٍ غِرنا وَعِندَ خُروجِهِنَّ نَغارُ
وَمُجاشِعٌ فَضَحوا فَوارِسَ مالِكٍ فَرَبا الخَزيرُ وَضُيِّعَ الأَدبارُ
أَغمامَ لَو شَهِدَ الوَقيطَ فَوارِسي ما قيدَ يُعتَلُ عَثجَلٌ وَضِرارُ
يا اِبنَ القُيونِ وَكَيفَ تَطلُبُ مَجدَنا وَعَلَيكَ مِن سِمَةِ القُيونِ نِجارُ
***
قصيدة الفرزدق :
جاءت هذه القصيدة ردا على سؤال طرح في وقت ما وفي زمن ما ومن شخصية معروفة عن شخصية معروفة ايضا ، الا ان السائل اراد انكاره مما شاهده من اكبار للناس لهذه الشخصية ، انها قصيدة مدح وتعريف بشخصية .
السائل : هو : هشام بن عبد الملك ابن الخليفة الاموي المعروف عبد الملك .
المكان : بيت الله ، اثناء مناسك الحج .
الزمان : عهد الدولة الاموية .
المسؤول عنه : هو الامام عليّ بن الحسين بن علي السجاد. (10)
المجيب : الشاعر الفرزدق .
تذكر كتب الاخبار:
((وقيل: إنه لما حج هشام في أيام أبيه طاف بالبيت وجهد أن يصل إلى الحجر الأسود ليستلمه، فلم يقدر عليه لكثرة الزحام، فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه جماعة من أهل لشام. فبينما هو كذلك إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، وكان من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم أرجاً فطاف بالبيت، فلما انتهى إلى الحجر الأسود تنحى له الناس حتى استلمه، فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة؟
فقال هشام: لا أعرفه! مخافة أن يرغب فيه أهل الشام. وكان أبو فراس الفرزدق حاضراً فقال: أنا والله أعرفه، فقال الشامي: من هذا يا أبا فراس، فقال ( القصيدة)
فلما سمع هشام ذلك غضب وحبس الفرزدق، فأنفذ له زين العابدين رضي الله عنه، اثني عشر ألف درهم، فردها وقال: مدحته لله لا للعطاء والصلات. فقال زين العابدين: إنا أهل بيت إذا وهبنا شيئاً لا نعود فيه. فقبلها الفرزدق.)).(11)
***
هذا الذي
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء الله قد ختموا
وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجم
كلتا يديه غياث عم نفعهما يستوكفان ولا يعروهما عدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره يزينه اثنان: حسن الخلق والشيم
حمال أثقال أقوام إذا فدحوا حلو الشمائل تحلو عنده نعم
ما قال لا قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاءه نعم
عم البرية بالإحسان فانقشعت عنها الغياهب والإملاق والعدم
إذا رأته قريش قال قائلها: إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يغضى حياءً ويغضى من مهابته فما يكلم إلا حين يبتسم
بكفه خيزران ريحه عبقٌ من كف أروع في عرنينه شمم
يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
الله شرفه قدماً وعظمه جرى بذاك له في لوحه القلم
أي الخلائق ليست في رقابهم لأولية هذا أوله نعم
من يشكر الله يعرف أولية ذا فالدين من بيت هذا ناله الأمم
ينمى إلى ذروة العز التي قصرت عن نيلها عرب الإسلام والعجم
من جدُّه دان فضل الأنبياء له وفضل أمته دانت له الأمم
مشتقة من رسول الله نبعته طابت مفارزه والخيم والشيم
ينشق ثوب الدجى من نور غرته كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم
من معشر حبهم دين وبغضهمو كفر وقربهم منجى ومعتصم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم في كل بدء ومختوم به الكلم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم ولا يدانيهم قومٌ وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت والأسد أسد الشرى والبأس محتدم
لا ينقص العسر بسطاً من أكفهم سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا
يستدفع الشروالبلوى بحبهم ويسترقُّ به الإحسان والنعم (12)
***
جاء في كتب الاخبار :
(( قال المدائني في خبره هذا وحدثني أبو يعقوب الثقفي عن الشعبي: أن الفرزدق خرج حاجاً، فلما قضى حجه عدل إلى المدينة فدخل إلى سكينة بنت الحسين عليهما السلام فسلم.
فقالت له: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا. قالت: كذبت! أشعر منك الذي قال:
بنفسي من تجنبه عـــزيزٌ علي ومن زيارته لمــام
ومن أمسي وأصبح لا أراه ويطرقني إذا هجع النيام
فقال: والله لو أذنت لي لأسمعتك أحسن منه. قالت: أقيموه فأخرج ثم عاد إليها من الغد.
فدخل عليها، فقالت: يا فرزدق، من أشعر الناس. قال: أنا. قالت: كذبت! صاحبك جرير أشعر منك حيث يقول:
لولا الحياء لعــادني استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار
كانت إذا هجر الضجيع فراشها كتم الحديث وعفت الأســرار
لا يلبث القرنــاء أن يتفرقوا ليلٌ يـــــكر عليهم ونهار
فقال: والله لئن أذنت لي لأسمعنك أحسن منه، فأمرت به فأخرج. ثم عاد إليها في اليوم الثالث وحولها مولداتٌ لها كأنهن التماثيل، فنظر الفرزدق إلى واحدة منهن فأعجب بها وبهت ينظر إليها. فقالت له سكينة: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا. قالت:
كذبت! صاحبك أشعر منك حيث يقول:
إن العيون التي فــي طرفها مرضٌ قتلننا ثم لــم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله أركانا )) . (13)
ويذكر صاحب الصناعتين :
(( والمقدّم في صنعة الكلام هو المستولى عليه من جميع جهاته، المتمكّن من جميع أنواعه، وبهذا فضّلوا جريراً على الفرزدق. وقالوا: كان له في الشعر ضروب لا يعرفها الفرزدق.
وماتت امرأته النّوار فناح عليها بشعر جرير:
لولا الحياءُ لها جنِى استعبارُ ولزرتُ قبركِ والحبيبُ يزارُ
وكان البحتريّ يفضّل الفرزدق على جرير، ويزعم أنه يتصرّف من المعاني فيما لا يتصرّف فيه جرير، ويورد منه في شعره في كلّ قصيدة خلاف ما يورده في الأخرى. قال: وجريريكرّر في هجاء الفرزدق ذكر الزبير، وجعثن، والنوار وأنه قينُ مجاشع. لا يذكر شيئاً غيرهذا.
وسئل بعضهم عن أبي نواس ومسلم، فذكر أن أبا نواس أشعر، لتصرفه في أشياء من وجوه الشعر وكثرة مذاهبه فيه، قال: ومسلم جار على وتيرة واحدة لا يتغيّر عنها.
وأبلغُ من هذه المنزلة أن يكون في قوة صائغ الكلام أن يأتي مرّة بالجزل، وأخرى بالسهل، فيلين إذا شاء، ويشتدّ إذا أراد. ومن هذا الوجه فضّلوا جريراً على الفرزدق، وأبا نواس على مسلم. )).(14)
(( وقيل لبشار: من أشعر الثلاثة؟ فقال: لم يكن الأخطل مثلهما، ولكن ربيعة تعصبت له وأفرطت فيه، وكان لجرير ضروب من الشعر لا يحسنها الفرزدق. ولقد ماتت النوار فكانوا ينوحون عليها بشعر جرير، الذي رثى به أم حرزة، وهو:
لولا الحياء لعــــادني استعبار ولزرت قبرك، والحبيب يزارُ
ولقد أراكِ كسيت أجمل منظرٍ ومع الجمال سكينةٌ ووقــارُ
لا يلبثُ القرناء إن يتفرقـوا ليلٌ يكرُّ عليهمُ ونــــهارُ)). (15)
***
اين الثقل الابداعي ؟
لو تفحصنا قصيدة جريرالتي يرثي بها زوجته التي كان يحبها ، وحسب ذائقتي النقدية ، اوذائقتي الاعجابية ، ان الثقل الابداعي في هذه القصيدة هو بيت واحد ، اما ما تبقى منها فهو ما دار حوله ، أي ان هذا البيت هو قطب الرحى .
يقول :
فلقد أراكِ كُسيتِ أجملَ منظرٍ ومع الجَمالِ سكينةٌ ووقارُ
في هذا البيت يظهر ان جوا سكونيا يلفها ، فهناك الموت واجوائه السكونية ، وهناك الجمال والوقار اللذين تلفهما السكينة، فالسكون هو عالم مسيطر على الجو العام الذي يلف القصيدة ، وهو عالم الموت الذي لف الزوجة بأجوائه .
فالشاعر / الزوج المفجوع يرى تحت الكفن جمال ، ويرى كذلك الوقار الذي كان يلفه في حياتها وهو الان اثناء الموت يلفها ايضا ، انها – حسب نظرة الشاعر / الزوج المفجوع - اجمل ما راه .
اما ما تبقى من القصيدة فهو زائد عن الحاجة ، ذلك لان القصيدة حذت حذو ما قبلها من قصائد بوجود مقدمة استهلالية، بالنسبة للابيات التي تقدمت على هذا البيت ، علما اننا لا نعرف العدد الاصلي لابيات القصيدة فالروايات لها تختلف بهذا الجانب ، اما الابيات التي جاءت بعد هذا البيت فهي تنوع للحزن الذي لف الشاعر .
واذا كانت المقدمة الطللية قد استهلت بها القصيدة الجاهلية ، فأن هذه القصيدة وغيرها عند اكثر من شاعر قد استخدمت ظواهر الطبيعة كالمطر والرعد اجواء استهلالية، ما زجتها بما تحمل احاسيس الشاعر / الزوج من مشاعر جياشة تجاه الموت ، وموت زوجته خاصة .
ارى ان ما ثبت في الديوان من قصيدة ذات 82 بيت ليس صحيحا ، وانما الصحيح من القصيدة هو ما ثبته صاحب ( الاشباه والنظائر) والتي جاءت بـ 13 بيتا ، اضافة لما اضافه صاحب (الحماسة البصرية ) من بيت يقول :
كانَتْ إذا هَجَر الضَّجِيعُ فِراشَها صِينَ الحَدِيثُ وعَفَّتِ الأَسْرارُ
والقصيدة التي ذكرها صاحب ( الاشياه والنظائر) هي :
لولا الحياءُ لهاجَني استعبارُ ولزُرتُ قبركِ والحبيبُ يُزارُ
فسقَى ثرَى جدثٍ ببُرقة ضاحكٍ هزِمٌ أجشُّ وديمةٌ مِدرارُ
متراكمٌ زجِلٌ يُضيءُ وميضُهُ كالبُلقِ تحت بطونها الأمهارُ
صلَّى الملائكةُ الَّذين تُخيِّروا والمُصطفونَ عليك والأبرارُ
فلقد أراكِ كُسيتِ أجملَ منظرٍ ومع الجَمالِ سكينةٌ ووقارُ
فعليكِ من صلواتِ ربّك كلَّما ضجَّ الحجيجُ ملبِّينَ وغاروا
كانتْ مُكارمةَ العَشير ولم يكنْ يخشَى غوائلَ أمّ حَزْرةَ جارُ
ولَّهتِ قلبِي إذ عَلَتْني كبرةٌ وذَوو التَّمائمِ من بَنيكِ صغارُ
أرعَى النُّجومَ وقد مضتْ غَورِيَّةٌ عُصَبُ النُّجوم كأنَّهنَّ صِوارُ
يا نظرة لك يوم هاجتْ عبرةً مِن أُمّ حَزْرة بالنُّميرةِ دارُ
تُحيي الرَّوامسُ ربعَها فتجدُّهُ بعد البلَى وتُميتُهُ الأمطارُ
كانَ الخليطُ همُ الخليطُ فأصبحوا مُتبدِّلين وبالدِّيار ديارُ
لا يلبثُ القُرناءُ أنْ يتفرَّقوا ليلٌ يكرُّ عليهمُ ونهارُ
اما ما تبقى من ابيات كثار عن الفرزدق الشاعر والزبير فلا علاقة له بأجواء القصيدة ، بل ارى انه دخيل عليها .
***
قصيدة الفرزدق:
اما لو قرأنا قصيدة الفرزدق فأن قطب الرحى فيها هو :
ما قال لا قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاءه نعم
مدار هذا البيت هو لفظة (لا) التي تعني النفي ، فالشخص الممدوح (علي بن الحسين السجاد) يتصف بهذه الصفة دون سائر الناس ، فهو لا يلفظ هذه اللفظة عندما يسأل ، واذا لفظها لسبب ما فهي لا تأخذ المعنى ذاته:– النفي ، وانما تعني الايجاب ، الا ان هذه اللفظة تأخذ معناها الاصلي في موضع واحد وهو عندما يلفظ الشهادة ، عندما يقول لا اله الا الله .
ولو عدنا للقصيدة ذاتها ، فأن كل الابيات المتبقية والتي اختلف في عدد ابياتها حسب اختلاف الروايات فأنها مدح عادي .(16)
***
أيظن
قصيدة نزار قباني
أيظن أني لعبة بيديه؟
أنا لا أفكر في الرجوع إليه
اليوم عاد كأن شيئا لم يكن
وبراءة الأطفال في عينيه
ليقول لي : إني رفيقة دربه
وبأنني الحي الوحيد لديه
حمل الزهور إليّ .. كيف أرده
وصباي مرسوم على شفتيه
ما عدت أذكر .. والحرائق في دمي
كيف التجأت أنا إلى زنديه
خبأت رأسي عنده .. وكأنني
طفل أعادوه إلى أبويه
حتى فساتيني التي أهملتها
فرحت به .. رقصت على قدميه
سامحته .. وسألت عن أخباره
وبكيت ساعات على كتفيه
وبدون أن أدري تركت له يدي
لتنام كالعصفور بين يديه ..
ونسيت حقدي كله في لحظة
من قال إني قد حقدت عليه؟
كم قلت إني غير عائدة له
ورجعت .. ما أحلى الرجوع إليه ..
هي قصة بثوب شعري كغالب قصائد قباني الغزلية ، وهي من قصائد السهل الممتنع كما يقول نقادنا العرب القدماء كباقي شعر نزار. فهو يروي لحظة لقاء فتاة لحبيب سابق كان ان تركها ثم عاد اليها ، فماذا تفعل ؟ الا انها تضعف في تلك اللحظة امام هذا الحبيب الذي جعل منها لعبة .
الا ان البيت الثالث عشر هو محور هذه القصة – القصيدة .
حتى فساتيني التي أهملتها
فرحت به .. رقصت على قدميه
فهذا البيت يصور لنا حالة الجفاء التي كانت بينهما عندما تركها الحبيب، فعندما نسأل لماذا اهملت الفساتين ؟ فأننا نعرف بداهة ان السبب هو الجفاء في علاقة الحب بينهما ، الا ان هذه الفساتين التي كانت متروكة في مكان ما بأهمال قد فرحت ورقصت عند قدمي المحبوب عندما عاد مرة اخرى .
لنتساءل : لماذا رقصت هذه الفساتين ( والبيت يوحي بأن الفتاة قد غيرت اكثر من مرة فساتينها اثناء اللقاء لفرحها باللقاء ) على قدمي الحبيب ؟
ان قاريء شعر نزار قباني يصدمه شيء فيه ، وهو امتهان المرأة ، خاصة الحبيبة ، والامثلة كثيرة لا مجال لذكرها هنا ، الا ان هذا البيت يختصر هذه السلبية من قبل المرأة – الحبيبة وهذا الامتهان لها من قبل الرجل – الحبيب ، حتى وصل الحال بالفساتين ان ترقص على قدميه لا في مكان اخر اكثر احتراما او اكثر شوقا .
***
الهوامش:
1- حسب تعريف قرص الشعر.
2- حسب تعريف قرص الشعر.
3- البيان والتبيين.
4- المبهج في تفسير اسماء شعراء الحماسة – ابن جني.
5- الحلل في اصلاح الخلل في كتاب الجمل.
6- الاغاني.
7- التذكرة الفخرية.
8- الفاضل في اللغة والادب – المبرد.
9- منتهى الطلب في اشعار العرب – القصيدة طويلة في المصدر.
10- هو: (( علي بن الحسين - زين العابدين ( عليه السلام ) كنيته أبو محمد ، أمه شاهزنان بنت كسرى بن يزدجر بن شهريار ، ولد يوم الخميس الخامس من شعبان 38 ه قبل استشهاد جده أمير المؤمنين بستين. )). انظر: ((الإمام الحسين عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 7)).
11- (اعلام الناس بما وقع للبرامكة )وكذلك: (الجليس الصالح الكافي) وكذلك: (الحماسة المغربية)و : (المحاسن والمساوئ)و: (المستجاد من فعلات الاجواد) و(ثمرات الاوراق في المحاضرات)و( مراة الجنان وعبرة اليقظان ).
12- ( وللقصيدة روايات اخري جمعتها في بناء واحد :
هذا سليلُ حُسين وابنِ فاطمةٍ بنتِ الرَّسولِ الَّذي انجابَتْ بهِ الظُّلَمُ
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا عليُّ رسولُ الله والدهُ أمستْ بنورِ هداهُ تهتدي الأممُ
هذا الذي عمهُ الطيارُ جعفرُ والمقتولُ حمزةُ ليثٌ حبهُ قسمُ
هذا ابنُ فاطمةَ الغراءَ ويحكمُ وابنُ الوصيّ الذي في سيفهِ النقمُ
هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جاهلهُ هذا ابنُ خيرِ عبادِ اللهِ كلهمُ
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلها: إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
ينمى إلى ذروة العز التي قصرت عن نيلها عرب الإسلام والعجم
يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
في كفه خيزران ريحه عبقٌ من كف أروع في عرنينه شمم
يغضى حياءً ويغضى من مهابته فما يكلم إلا حين يبتسم
ينشق نور الهدى من نور غرته كالشمس ينجاب عن إشراقها القتم
مشتقة من رسول الله نبعته طابت مفارزه والخيم والشيم
ينجاب نور الهدى عن نور غرته كالشمس ينجاب عن إشراقها الظُّلم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء الله قد ختموا
الله شرفه قدماً وعظمه جرى بذاك له في لوحه القلم
من جدُّه دان فضل الأنبياء له وفضل أمته دانت له الأمم
وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجم
كلتا يديه غياث عم نفعهما يستوكفان ولا يعروهما عدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره يزينه اثنان: حسن الخلق والشيم
لا يخلف الوعد ميمونٌ نقيبته رحب الفناء أريبٌ حين يعتزم
حمال أثقال أقوام إذا فدحوا حلو الشمائل تحلو عنده نعم
ما قال لا قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاءه نعم
عم البرية بالإحسان فانقشعت عنها الغياهب والإملاق والعدم
من معشر حبهم دين وبغضهمو كفر وقربهم منجى ومعتصم
يستدفع السوء والبلوى بحبهم ويسترقُّ به الإحسان والنعم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم ولا يدانيهم قومٌ وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت والأسد أسد الشرى والبأس محتدم
لا ينقص العسر بسطاً من أكفهم سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم في كل بدء ومختوم به الكلم
يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم خلق كريم وأيد بالندى هضم
أي الخلائق ليست في رقابهم لأولية هذا أوله نعم
من يعرف الله يعرف أولية ذا فالدين من بيت هذا ناله الأمم
13-الاغاني.
14- الصناعتين.
15- المذاكرة في القاب الشعراء.
16- انظر : (اعلام الناس بما وقع للبرامكة )و (الجليس الصالح الكافي) و (الحماسة المغربية).
المراجع والمصادر:
آ – الكتب المطبوعة :
1 - البيان والتبيين/ ط3 – الجاحظ – تح : عبد السلام محمد هارون – مؤسسة الخانجي – القاهرة – د0ت0
2 – التعليقات والنوادر – ابو علي هارون بن زكريا الهجري – تح : د 0 حمود عبد الامير الحمادي – دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد – 1987 0
3 – الرواية التاريخية / ط2 – جورج لوكاش – ت : د0 صالح جواد كاظم – دار الشؤون الثقافية العامة – العراق – 1986 0
4 – الشعر والشعراء في العصر العباسي – ط2– د 0 مصطفى الشكعة – دار العلم للملايين – بيروت – 1975 0
5 – الشعر العراقي في القرن السادس الهجري – مزهر عبد السوداني – دار الرشيد للنشر – بغداد – 1980 0
6 – العراق في التاريخ – مجموعة كتاب – دار الحرية للطباعة – بغداد – 1983 0
7 – مختار الصحاح – محمد بن ابي بكر الرازي – دار الكتاب العربي – بيروت – د0ت0
8 – معجم النقد العربي القديم / ج2 – د 0 احمد مطلوب – دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد – 1989 0
9- الاغاني.
10- الصناعتين.
11- المذاكرة في القاب الشعراء.
12 - اعلام الناس بما وقع للبرامكة .
13 - الجليس الصالح الكافي.
14 - الحماسة المغربية.
15- المبهج في تفسير اسماء شعراء الحماسة – ابن جني.
16- الحلل في اصلاح الخلل في كتاب الجمل.
17- التذكرة الفخرية.
18- الفاضل في اللغة والادب – المبرد.
19 - منتهى الطلب في اشعار العرب .
20 - الإمام الحسين عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 7.
21 - المحاسن والمساوئ.
22 - المستجاد من فعلات الاجواد.
23 - ثمرات الاوراق في المحاضرات.
24 - مراة الجنان وعبرة اليقظان.
ب – الاقراص الليزرية :
1- الشعر ديوان العرب – الاصدار 0 ,2 لعام 2000 0 الاشراف العام : محمد احمد السويدي – ابو ظبي 0
– مكتبة التاريخ والحضارة