وحدة الاديان السماوية
الجزء الاول
الاتفاق و الاختلافات
داود سلمان الشويلي
ربما يوحي العنوان لبعض القراء بعدم وجود هذه الوحدة، اقصد بها وحدة النبع ووحدة الهدف ، لهذا جاءت هذه الدراسة لتؤكدها.
ان هذه الدراسة كتبت لبيان وشرح هذه الوحدة التي فقدت لاسباب كثيرة ، في عصر كثرت فيه الدعوات الى التقارب بين الاديان السماوية.
على الرغم من ان القائمين على الدين السابق – وليس نبيه - لم تصدق بما جاء به الدين الجديد ، كما حدث عندما ظهر السيد المسيح وما جاء به ، فكذبه احبار وكهنة وشيوخ اليهود لاسبابهم الخاصة ، وكذلك ما حدث عندما ارسل النبي محمد بدين جديد ، لم يصدق به اصحاب الديانتين السماويتين السابقتين له، اليهودية والمسيحية ، وان كان هذا قد تم سابقا – عند ظهور الاديان – فهو – هذا الاعتقاد - ما زال موجودا عند الكثير من اصحاب الديانات السماوية.
وايضا لا ننسى ان أي دين جديد لم يكذب ما جاء به الدين السابق له ولا بنبيه ، وانما يقول انه جاء ليصحح ما تم تغييره على يد البشر في الدين السابق ، ويكمل رسالة الله.
لهذا نرى ان ما جاء به السيد المسيح هو تصحيح (انظر انجيل متي : الفصل الخامس) ، واكمال لشريعة موسى ، وكذلك القول بالنسبة لما جاء به محمد بالنسبة للدينين السابقين عنه.
قال السيد المسيح:
(( - لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء ما جئت لانقض بل لاكمل .)). ( متي :5:17 )
ويقول:
((و اما من جهة قيامة الاموات افما قراتم ما قيل لكم من قبل الله القائل .
انا اله ابراهيم و اله اسحق و اله يعقوب ليس الله اله اموات بل اله احياء)) . (متي : 22 : 31- 32)
فيما جاء في القرآن:
(( ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون)). [البقرة: 87 ]
(( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون)). [البقرة: 136 ]
(( قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون)). [آل عمران: 84 ]
(( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا)). [النساء: 163 ]
وهكذا تترى الايات مصدقة لما جاء به انبياء الديانتين السابقتين للاسلام.
الا ان القائمين على الديانتين السابقتين (الاحبار والقسسة) وقفوا بالضد من الاسلام ونبيه .
وعندما بعث عيسى لم يصدقه ابناء الديانة السابقة (الاحبار والشيوخ اليهود خاصة) ، لهذا نجدهم يطالبونه بآية من السماء تثبت نبوته ، فأجابهم قائلا:
(( - و جاء اليه الفريسيون و الصدوقيون ليجربوه فسالوه ان يريهم اية من السماء .
- فاجاب و قال لهم اذا كان المساء قلتم صحو لان السماء محمرة .
- و في الصباح اليوم شتاء لان السماء محمرة بعبوسة يا مراؤون تعرفون ان تميزوا وجه السماء و اما علامات الازمنة فلا تستطيعون .
- جيل شرير فاسق يلتمس اية و لا تعطى له اية الا اية يونان النبي ثم تركهم و مضى)). ( متي : 16 : 1- 4)
اما النبي محمد فقد واجه السؤال ذاته :
(( وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون)). [البقرة :118 ]
ان السطور القادمة ستوضح ان الاديان السماوية هي نابعة من مصدر واحد هو الله ، وان ما جاءت به هو امر واحد ،الا ان الاضافات البشرية ولاسباب كثيرة جعلتها مختلفة فيما بينها ، وخلاصة القول:
- ان الاديان الثلاثة تنبع من مصدر واحد. (1)
- ان كل دين جديد يأتي ليصحح ما وقع من خطأ بشري في الشريعة الالهية ، او يصححها ويكملها حسب تطور الحياة وسيرورة وصيرورة الزمن.
- ان القائمين على الدين السابق (احبارا وقسسة) يكذبون نبي ورسالة الدين الجديد.
***
الاتفاق و الاختلافات
قبل ان نوضح ما جاء به العنوان ، علينا ان ندرس نقاط الاتفاق ، وكذلك نقاط الاختلاف – لا الخلاف – بين الاديان الثلاثة هذه ، التي جاءت من خارجها ،من خلال قراءة متأنية للكتب المنزلة، دون ادبيات الدين الاخرى.
وعلينا ان نوضح مسألة تاريخية مهمة تخص هذه الاديان ، وهي ان تلك الاديان لم تدون الا بعد قرون بالنسبة للدين اليهودي (2) ، وخمسين عاما – تقريبا - بالنسبة الى الدين المسيحي ، اما الاسلام فقد دونت آياته المنزّلة وحيا بعد النزول مباشرة ، وهذا القول قد اثبتته المصادر التاريخية الموثقة ، فضلا عن الدراسات الحديثة .
ولهذا نجد ان التوراة وكذلك الانجيل (الاناجيل) لم يكونا كتبا مرسلة ، بل هما مكتوبان من قبل البشر ، وبعد فترة من رحيل انبياء تلك الاديان . وبسبب ذلك ولغيره من الاسباب الاخرى ، نجد تلك الكتب قد حرفت ما له علاقة بالسماء ، كالتشريعات مثلا، واضافة الكثير من الامور التي لها علاقة بالناس على الارض ، ان كان ذلك تحت ضغط الظروف (السبي بالنسبة لابناء الديانة اليهودية ، و تجيير بولس المسيحية الرومانية ،)، او لاسباب دنيوية لها علاقة بالقائمين عليها.(3)
يقول سبحانه:
(( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا )).[ النساء :46 ]
(( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين)). [المائدة :13 ]
(( أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون)). [البقرة: 75 ]
وربما يفهم البعض ان السطور هذه تنطلق من منطلق اسلامي ، لهذا ترى ان ما جاء في الكتب المقدسة !!! للاديان السابقة انه نوع من التحريف ، الا انها – هذه السطور – وعلى الرغم من تثبيت ايات القرآن التي تتحدث عن التحريف، ستبين وتوضح هذه الاحتلاقات وتلك الاضافات من خلال ما مسطور في الكتب المقدسة !!! تلك ، والتي جاءت من خارجها الالهي.
***
نقاط الاتفاق:
اتفقت الديانات الثلاثة على :
1 - ان الله هو خالق كل شيء ، وهو كفيل بعباده من حيث الحياة والموت ، والرزق ، ... الخ .
(( هوذا للرب الهك السماوات و سماء السماوات و الارض و كل ما فيها )). ( التثنية : 10:14 )
(( في ذلك الوقت اجاب يسوع و قال احمدك ايها الاب رب السماء و الارض لانك اخفيت هذه عن الحكماء و الفهماء و اعلنتها للاطفال )). ( متي: 11: 25)
(( ولله ما في السماوات وما في الارض وإلى الله ترجع الامور)). [آل عمران: 109 ]
***
2- عدم الشرك بالله سبحانه .
((لا يكن لك الهة اخرى امامي)). ( الخروج: 20 :3 )
((لا يقدر احد ان يخدم سيدين لانه اما ان يبغض الواحد و يحب الاخر او يلازم الواحد و يحتقر الاخر لا تقدرون ان تخدموا الله و المال )). ( متي : 6: 24 )
((واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا)).( النساء:36 )
((الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون)). [الحجر:96 ]
***
3 - ان انبياء هذه الديانات مرسلون من قبل الله ، وان التعليمات التي جاءوا بها هي تعليمات الهية.
تقول التوراة عندما تنقل الامر الالهي: (قال الرب لموسى)(الخروج:33: 1) أو (وكلم الرب موسى قائلا)(الخروج:25:1)، او(ثم تكلم الله بجميع هذا الكلام قائلا) (الخروج: 20: 1)... وهكذا.
اما السيد المسيح فلم يأت بشيء جديد عما جاء به موسى حسب الاناجيل ، لهذا نراه يقول :
(( - لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء ما جئت لانقض بل لاكمل .
- فاني الحق اقول لكم الى ان تزول السماء و الارض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل .
- فمن نقض احدى هذه الوصايا الصغرى و علم الناس هكذا يدعى اصغر في ملكوت السماوات و اما من عمل و علم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات )). ( متي :5:17 – 19 ).
وانما غيّر وصحح ، عندها تذكر الاناجيل الاتي:: (انه قيل للاولين ... ) (متي: 5: 27) ويقصد بهم بني اسرائيل.او (قد قيل ... اما انا فأقول) (متي: 5 : 31 - 32)، عندما يريد ان يغير امر ما في الشريعة اليهودية .
اما في الاسلام، فقد كانت الاوامر والنواهي والتشريعات صادرة من الله وحده ، موحى بها في القرآن.
(( إن هو إلا وحي يوحى)). [ النجم: 4 ]
((قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا)). [الجن: 1 ]
((إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا)). (النساء: 163 )
((نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين)). [ يوسف:3 ]
((ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين)).[البقرة:89 ]
((أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )).[ النساء: 82 ] ... الخ.
إذن، كلم الله سبحانه موسى تكليما ، بصورة مباشرة ، اما محمد فقد اوحي له بواسطة جبريل ، فيما النبي عيسى اعاد ما أ ُمر به موسى (مع تصحيح وتبديل).
ربما يعترض احد ويقول : معنى هذا ان التصحيح والتبديل هذين تما من قبل عيسى ذاته.
والجواب : هو ان عيسى نبي مرسل من قبل الله ليهدي به (الخراف الضالة من بني اسرائيل) ، فكل شيء غيّره او صححه في الناموس فهو من عند الله ، الا ان الانجبل لم يذكر امر ما اوحي به من قبل الله الى عيسى. (4)
ولو قرأنا الوصايا العشر التي اوحيت لموسى نجدها قد تكررت في المسيحية والاسلام.
***
الوصايا العشر:
الوصايا العشر هي اهم التشريعات الالهية التي ارادها سبحانه ان تكون سارية بين الناس ليخلصوا انفسهم من عذاب الله فيما لو عملوا بعكسها.
ان العمل بعكس تلك التشريعات هو تحويل الارض التي يحيى عليها الناس الى غابة يقودها قانون الغاب.
كلم الله موسى وامره بتبليغ الوصايا العشر ، والتشريعات الاخرى ، وغيرها من التشريعات ، وعندما جاءت الديانتين الاخريتين كررت هذه الوصايا.
(( - ثم تكلم الله بجميع هذه الكلمات قائلا :
- انا الرب الهك الذي اخرجك من ارض مصر من بيت العبودية .
1- آ : لا يكن لك الهة اخرى امامي .
ب: لا تصنع لك تمثالا منحوتا و لا صورة ما مما في السماء من فوق و ما في الارض من تحت و ما في الماء من تحت الارض .
ج: لا تسجد لهن و لا تعبدهن لاني انا الرب الهك اله غيور افتقد ذنوب الاباء في الابناء في الجيل الثالث و الرابع من مبغضي .
2 - و اصنع احسانا الى الوف من محبي و حافظي وصاياي .
3 - لا تنطق باسم الرب الهك باطلا لان الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلا .
4 – آ : اذكر يوم السبت لتقدسه .
ب - ستة ايام تعمل و تصنع جميع عملك .
ج- و اما اليوم السابع ففيه سبت للرب الهك لا تصنع عملا ما انت و ابنك و ابنتك و عبدك و امتك و بهيمتك و نزيلك الذي داخل ابوابك .
د- لان في ستة ايام صنع الرب السماء و الارض و البحر و كل ما فيها و استراح في اليوم السابع لذلك بارك الرب يوم السبت و قدسه .
5 - اكرم اباك و امك لكي تطول ايامك على الارض التي يعطيك الرب الهك .
6 - لا تقتل .
7 - لا تزن .
8 - لا تسرق .
9 - لا تشهد على قريبك شهادة زور .
10 - لا تشته بيت قريبك لا تشته امراة قريبك و لا عبده و لا امته و لا ثوره و لا حماره و لا شيئا مما لقريبك )). ( الخروج: 20 :1 – 17 )
والوصايا العشر هذه ، هي نفسها ما اكدت عليها الديانتين المسيحية والاسلام ، فضلا عن تشريعات اخرى عامة للناس وليس لبني اسرائيل كاليهودية، تطلبتها سيرورة وصيرورة الزمن، وتغير احوال الخلق، وكثرتهم، وغير ذلك من الامور.
واذا تجاوزنا الوصية الرابعة التي يأمر فيها الله تقديس يوم السبت ، فإن المواد التابعة لها جاءت لتمجد فعل الله في خلق كل شيء، وهي افعال ذكرت في الديانتين الاخريتين لتمجيد هذا الفعل.
في الوصية الاولى ينهي الله الناس (بني اسرائيل خاصة لان الخطاب موجه لهم) من الشرك به ، ومن عبادة الاوثان ، والسجود لهم .
اما في الوصية الثانية ، يأمر الله الناس الاحسان فيما بينهم ، تأكيدا للعلاقات الاجتماعية السوية.
وفي الوصية الثالثة ، يأمر الله الناس بعدم الكلام بلسانه في الباطل ، لان في ذلك تقويل لله بما لم يقله.
وفي الوصية الخامسة ، يأمر سبحانه الناس اكرام الوالدين .
اما في الوصايا السادسة والسابعة والثامنه والتاسعة ، فيأمر الله عباده بـ : عدم القتل ، وعدم الزنا ، وعدم السرقة ، وعدم شهادة الزور.
اما في الوصية العاشرة ، يأمر سبحانه الناس بعدم الاعتداء على الاخرين في زوجاتهم او في ما يملكون.
ويؤكد السيد المسيح على الوصايا تلك:
(( - و اذا واحد تقدم و قال له ايها المعلم الصالح اي صلاح اعمل لتكون لي الحياة الابدية .
- فقال له لماذا تدعوني صالحا ليس احد صالحا الا واحد و هو الله و لكن ان اردت ان تدخل الحياة فاحفظ الوصايا .
- قال له اية الوصايا فقال يسوع لا تقتل لا تزن لا تسرق لا تشهد بالزور .
- اكرم اباك و امك و احب قريبك كنفسك .
- قال له الشاب هذه كلها حفظتها منذ حداثتي فماذا يعوزني بعد .
- قال له يسوع ان اردت ان تكون كاملا فاذهب و بع املاكك و اعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء و تعال اتبعني)). ( متي :19 : 16 – 21 )
اضافة الى وحدانية وعبادة الله سبحانه دون شريك له.
(( - لا يقدر احد ان يخدم سيدين لانه اما ان يبغض الواحد و يحب الاخر او يلازم الواحد و يحتقر الاخر لا تقدرون ان تخدموا الله و المال)). ( متي : 6 : 24 )
(( - حينئذ قال له يسوع اذهب يا شيطان لانه مكتوب للرب الهك تسجد و اياه وحده تعبد )). (متي : 4: 10)
وجاء الاسلام ليؤكد على تلك الوصايا الالهية التي تكلم الله بها الى موسى.
*فعن وصية (( لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى سِوَايَ.))، جاء في القرآن:
(( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا)). [النساء: 36 ]
***
* وعن وصية (( أَنَا هُوَ الرَّبُّ إِلَهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ دِيَارِ عُبُودِيَّتِكَ.))، ذكر القرآن الهجرة :
(( كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون)). [الانفال: 5 ]
***
* وعن وصية (( لاَ تَنْحَتْ لَكَ تِمْثَالاً، وَلاَ تَصْنَعْ صُورَةً مَّا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ أَسْفَلِ الأَرْضِ.
لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلَهَكَ، إِلَهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ آثَامَ الآبَاءِ فِي البَنِينَ حَتَّى الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ)).
قال الله :(( ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الانعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور)). [الحج: 30 ]
((قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شئ ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)). [الانعام :164 ]
***
* وعن وصية: (( و اصنع احسانا الى الوف من محبي و حافظي وصاياي .)).
قال سبحانه: (( إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون * وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون)). [النحل: 90 - 91 ]
***
* اما عن الوصية القائلة :(( لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلاً، لأَنَّ الرَّبَّ يُعَاقِبُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.)).
طالب الله الناس قائلا: (( وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا باياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون * ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون)). [البقرة:41 - 42 ]
(( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير )).[الحج: 62 ]
(( ولو تقول علينا بعض الاقاويل * لاخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين)). [الحاقة:44 - 46 ]
***
* وعن هذه الوصية:((أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ يَطُولَ عُمْرُكَ فِي الأَرْضِ الَّتِي يَهَبُكَ إِيَّاهَا الرَّبُّ إِلَهُكَ. )).
ذكر الله سبحانه: ((وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون)). [البقرة 83 ]
((وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما )).[الاسراء: 23 ]
(( ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير)). [لقمان:14 ]
***
*وعن وصية :((لاَ تَقْتُلْ. )).
قال تعالى : (( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الارض لمسرفون)). [المائدة: 32 ]
***
*وكذلك عن وصية : (( لاَ تَزْنِ.)).
قال الله : (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)). [النور: 2 ]
***
*اما عن وصية : ((لاَ تَسْرِقْ.)).
فقد ذكر القرآن :(( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم)). [المائدة: 38 ]
***
*وعن وصية الزور : (( لاَ تَشْهَدْ زُوراً عَلَى جَارِكَ. )) .
قال تعالى : (( ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الانعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور )).[الحج:30 ]
***
اما الوصية العاشرة الخاصة بالاخلاق الاجتماعية : (( لا تشته بيت قريبك لا تشته امراة قريبك و لا عبده و لا امته و لا ثوره و لا حماره و لا شيئا مما لقريبك ))، فقد حفل القرآن بتشريعات حول موضوعها.
***
ولا ننسى ان هناك تشريعات كثيرة غير هذه الوصايا حفل بها التوراة ، وتأكدت مرة اخرى من قبل الديانتين الاخريتين ، وفي الوقت نفسه، فقد تغير بعضها، اما بسبب انها لم تكن تشريعا الهيا وانما هي اضافات بشرية سليمة في الوقت الذي كتبت فيه، او لتطور الحياة ، او لتقليل العبء عن كاهل الناس ، كما خففت الكثير من التشريعات التي جاءت بها التوراة (المدونة بعد قرون من رحيل موسى ) .
فقد جاءت المسيحية وخففت اوغيرت الكثير من التشريعات المذكورة في التوراة. (على سبيل المثال : تحليل لحم الخنزير ، او تحريم الطلاق،... الخ). (5)
و جاء الاسلام – كذلك - فخفف الكثير من تلك التشريعات ، مثل الشرائع الخاصة بالعبيد ، او أحكام مختصة بالقاتل والمعتدي، او أحكام مختصة بالمواشي، او أحكام مختصة بالسرقة والأملاك، او أحكام مختصة بالعلاقات الاجتماعية الخاصة، او التقدمات للمسكن، او كثرة الطقوس ، او القرابين ، والكهانة ... الخ.
***
نقاط الاختلاف:
اؤكد مرة اخرى ، بالنسبة للتوراة (بأسفارها الخمسة)،هي من وضع البشر اعتمادا على ما كان يذكر على الالسنة(ينتقل شفاها) ، وقد جاء ذلك التدوين بعد فترة من رحيل موسى، سوى ما جاء على لسانه من تشريعات اكدتها الاديان السماوية الاخرى . (6 )
وكذلك القول بالنسبة للاناجيل .
ومن بين نقاط الاختلاف هو الاتي من الامور:
1 – بعث موسى لبني اسرائيل الموجودين في مصر : (*)
(( - فالان هلم فارسلك الى فرعون و تخرج شعبي بني اسرائيل من مصر .
- فقال موسى لله من انا حتى اذهب الى فرعون و حتى اخرج بني اسرائيل من مصر.
- فقال اني اكون معك و هذه تكون لك العلامة اني ارسلتك حينما تخرج الشعب من مصر تعبدون الله على هذا الجبل .
- فقال موسى لله ها انا اتي الى بني اسرائيل و اقول لهم اله ابائكم ارسلني اليكم فاذا قالوا لي ما اسمه فماذا اقول لهم .
- فقال الله لموسى اهيه الذي اهيه و قال هكذا تقول لبني اسرائيل اهيه ارسلني اليكم .
- و قال الله ايضا لموسى هكذا تقول لبني اسرائيل يهوه اله ابائكم اله ابراهيم و اله اسحق و اله يعقوب ارسلني اليكم هذا اسمي الى الابد و هذا ذكري الى دور فدور .
- اذهب و اجمع شيوخ اسرائيل و قل لهم الرب اله ابائكم اله ابراهيم و اسحق و يعقوب ظهر لي قائلا اني قد افتقدتكم و ما صنع بكم في مصر .
- فقلت اصعدكم من مذلة مصر الى ارض الكنعانيين و الحثيين و الاموريين و الفرزيين و الحويين و اليبوسيين الى ارض تفيض لبنا و عسلا . )) . ( الخروج: 3: 10 – 17 )
و : (( لان بني اسرائيل لي عبيد هم عبيدي الذين اخرجتهم من ارض مصر انا الرب الهكم )). ( الاحبار :25 :55 )
و بعث عيسى لمن ضل من هؤلاء ،وهم (الخراف الضالة من آل اسرائيل) (متي: 15 : 24)
، فيما بعث محمدا للناس كافة.
((وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون)). [سبإ: 28 ]
فنجد ان الديانات السماوية الثلاث ذات المصدر الالهي الواحد قد اختلفت في جهة الارسال إليهم .(7)
***
2 – من المعلوم عند كل البشر المؤمنين ان الله واحد ، وهو خالق كل شيء ، رحمن رحيم ، رزاق ، محيي ومميت ... الخ ، الا ان الاديان الثلاثة اختلفت في الوصف والوظيفة ، والجنس ، فالله سبحانه:
آ – في التوراة ، وفي الانجيل ،هو رب شخصي لبني اسرائيل فقط .
(( هذه هي الفرائض و الاحكام و الشرائع التي وضعها الرب بينه و بين بني اسرائيل في جبل سيناء بيد موسى )) . ( الاحبار: 26 :46 ) (وراجع تثنية الاشتراع : 4 : 44 ، 15 : 15)
او كما جاء في سفر يشوع :
(( - و كان بعد موت موسى عبد الرب ان الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى قائلا
- موسى عبدي قد مات فالان قم اعبر هذا الاردن انت و كل هذا الشعب الى الارض التي انا معطيها لهم اي لبني اسرائيل
- كل موضع تدوسه بطون اقدامكم لكم اعطيته كما كلمت موسى
- من البرية و لبنان هذا الى النهر الكبير نهر الفرات جميع ارض الحثيين و الى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم
- لا يقف انسان في وجهك كل ايام حياتك كما كنت مع موسى اكون معك لا اهملك و لا اتركك.
- تشدد و تشجع لانك انت تقسم لهذا الشعب الارض التي حلفت لابائهم ان اعطيهم.
- انما كن متشددا و تشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي امرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يمينا و لا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب )). ( يشوع : 1 : 1 – 7 )
وفي القرآن :
(( قل أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس)). [ الناس :1 - 3 ]
ب – تجعل الاناجيل للرب ابنا ، وهو عيسى المسيح (
، وهذه عقيدة معروفة ، هي (عقيدة اوزيرية مصرية) ،فيما لا يوجد في التوراة ولا في القرآن مثل هذا الاعتقاد. (9)
(( وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون)). [ التوبة :30 ]
ج – صورة الرب :
* الرب التوراتي متعدي العقاب:
(( لا تسجد لهن و لا تعبدهن لاني انا الرب الهك اله غيور افتقد ذنوب الاباء في الابناء في الجيل الثالث و الرابع من مبغضي )). ( الخروج : 20 :5 )(10)
* اما الرب المسيحي ، فهو:
((فان ابن الانسان سوف ياتي في مجد ابيه مع ملائكته و حينئذ يجازي كل واحد حسب عمله )). ( متي : 16:17 )
* و الرب الاسلامي، غير متعدي العقاب:
((قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شئ ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)). [الانعام :164 ]
د – فعل الرب مع مخلوقاته:
* الرب اليهودي رجل حرب:
(( - حينئذ رنم موسى و بنو اسرائيل هذه التسبيحة للرب و قالوا ارنم للرب فانه قد تعظم الفرس و راكبه طرحهما في البحر
- الرب قوتي و نشيدي و قد صار خلاصي هذا الهي فامجده اله ابي فارفعه
- الرب رجل الحرب الرب اسمه )). (خروج: 15 : 1-3 ).
راجع:(العدد: 31 – 10)، (العدد: 31 – 17)، (تثنية الاشتراع: 12 – 31)، (تثنية الاشتراع: 16 : 10 - 20) ... الخ.(11) ولكنه في مكان اخر يقول غير ذلك :
(( - فاجتاز الرب قدامه و نادى الرب الرب اله رحيم و رؤوف بطيء الغضب و كثير الاحسان و الوفاء
- حافظ الاحسان الى الوف غافر الاثم و المعصية و الخطية و لكنه لن يبرئ ابراء مفتقد اثم الاباء في الابناء و في ابناء الابناء في الجيل الثالث و الرابع )). ( الخروج: 34 :6 – 7)
قكيف نوفق بين القولين ، ام نقول ان هذا الرب خاص ببني اسرائيل ؟
* اما الرب المسيحي فهو رب محبة وسلام:
(( - بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا و ما زاد على ذلك فهو من الشرير
- سمعتم انه قيل عين بعين و سن بسن
- و اما انا فاقول لكم لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الايمن فحول له الاخر ايضا
- و من اراد ان يخاصمك و ياخذ ثوبك فاترك له الرداء ايضا
- من سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين
- من سالك فاعطه و من اراد ان يقترض منك فلا ترده
- سمعتم انه قيل تحب قريبك و تبغض عدوك
- و اما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم و صلوا لاجل الذين يسيئون اليكم و يطردونكم
- لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار و الصالحين و يمطر على الابرار و الظالمين)). ( متي : 5 :37 – 45 )
* ورب الاسلام ، رب رحمة ، وهو غفار رحيم:
((الرحمن الرحيم)). [الفاتحة:3 ]
(( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم)). [البقرة:163 ]
((قل لمن ما في السماوات والارض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون)). [الانعام: 12 ]
(( وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم)). [الانعام: 54 ]
(( وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين)). [ الانعام:133 ]
(( وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا)). [ الكهف:58 ]
(( قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم)). [يوسف: 98 ]
قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)). [الزمر: 53 ]
((تنزيل من الرحمن الرحيم)). [ فصلت: 2 ]
راجع: [الشعراء: 9 ]، [الشعراء:68 ]... الخ
هـ :الرب اليهودي رب يحب التقدمات :
(( - و كلم الرب موسى قائلا:
- كلم بني اسرائيل ان ياخذوا لي تقدمة من كل من يحثه قلبه تاخذون تقدمتي .
- و هذه هي التقدمة التي تاخذونها منهم ذهب و فضة و نحاس .
- و اسمانجوني و ارجوان و قرمز و بوص و شعر معزى .
- و جلود كباش محمرة و جلود تخس و خشب سنط .
- و زيت للمنارة و اطياب لدهن المسحة و للبخور العطر .
- و حجارة جزع و حجارة ترصيع للرداء و الصدرة .
- فيصنعون لي مقدسا لاسكن في وسطهم )). ( الخروج: 25 :1 – 8 )
وفي المسيحية ، يقول السيد المسيح:
(( فقال له يسوع انظر ان لا تقول لاحد بل اذهب ار نفسك للكاهن و قدم القربان الذي امر به موسى شهادة لهم )). ( متي: 8: 4 )
(( - فان قدمت قربانك الى المذبح و هناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك
- فاترك هناك قربانك قدام المذبح و اذهب اولا اصطلح مع اخيك و حينئذ تعال و قدم قربانك )). ( متي: 5: 23 – 24 )
إذ ما زال القربان يقدم الى المذبح ، كما في شريعة موسى ، ولم تذكر الاناجيل الكيفية ، ولا النوعية ، ولا الوقت.
فيما لا نجد في الاسلام ذلك.
في الاسلام تقدم الاضحية في الحج ، وهي الاضحية الوحيدة التي شرعت في الاسلام دون طقوس ، قال تعالى:
(( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون [36 ] * لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين)). [الحج: 37 ]
إذ لا وجود في الاسلام لعبادة من شعائرها التضحية بالحيوانات غير اضحية الحج ، من غير شعائر مضافة لانها هي شعيرة من شعائر الحج.
و – جنس الرب:
لقد انسنت التوراة الله وجعلته كالانسان في افعاله، فهو يتصارع مع البشر(التكوين:32 : 24) ، وينسى (التكوين : 9 : 12 - 16) ، ويغضب كغضبهم... الخ :
اما في الاناجيل فهو رب سماوي .
و في القرآن ، هو :
((فاطر السماوات والارض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الانعام أزواجا يذرءكم فيه ليس كمثله شئ وهو السميع البصير)). [الشورى:11 ]
***
3- الملكوت السماوي و الملكوت الأرضي:
الثواب والعقاب القرآنيين يتما في الاخرة،عدا ما كان يعد جرائما بين الناس ، كالسرقة ، والزنا ، والقتل الى حد ما ، على سبيل المثل. (12)
وكذلك الثواب والعقاب المسيحيَين الى حد ما ، وفي التوراة فهما في الدنيا.(13)
فضلا عن ذلك، فالسيد المسيح يذكر الاماكن التي يتم فيهما العقاب : الدينونة ،و المحفل،والجحيم ، أي هناك عقاب اخروي وعقاب دنيوي كالاسلام لما له علاقة بأمور دنيوية.
جعل الاسلام الجنة ثوابا المؤمنين، اما في التوراة ، فكان رضى الله على بني اسرائيل في الحياة الدنيا هو الثواب.
(( - و كلم الرب موسى قائلا
- كلم هرون و بنيه قائلا هكذا تباركون بني اسرائيل قائلين لهم
- يباركك الرب و يحرسك .
- يضيء الرب بوجهه عليك و يرحمك
- يرفع الرب وجهه عليك و يمنحك سلاما
- فيجعلون اسمي على بني اسرائيل و انا اباركهم )). ( العدد : 6: 23 - 28) ، وكذلك:( تثنية الاشتراع :8 ، 27 و 28 )
اما العقاب ، فكان في التوراة على الارض ، عقاب آني :
(( - و لكن ان ابتدع الرب بدعة و فتحت الارض فاها و ابتلعتهم و كل ما لهم فهبطوا احياء الى الهاوية فتعلمون ان هؤلاء القوم قد ازدروا بالرب
- فلما فرغ من التكلم بكل هذا الكلام انشقت الارض التي تحتهم
- و فتحت الارض فاها و ابتلعتهم و بيوتهم و كل من كان لقورح مع كل الاموال
- فنزلوا هم و كل ما كان لهم احياء الى الهاوية و انطبقت عليهم الارض فبادوا من بين الجماعة)). ( العدد : 16: 30 – 33 )
فضلا عن ذلك ، فالتوراة لم تذكر العقاب الالهي الاخروي ، لما نهى الله عنه في الوصايا ، اما الانجيل فقذ ذكر يوم الدين (متي: 10: 15) ، والجحيم ، دون وصفهما.
وذكر كذلك:
(( فيمضي هؤلاء الى عذاب ابدي و الابرار الى حياة ابدية )). ( متي : 25: 46 )
فيما الاسلام، جعل اليوم الاخر هو فصل الحساب بين الناس، والجنة والنار (الجحيم) هما المثوى الاخير.
والقرآن عندما وضع العقاب الدنيوي لبعض النواهي الالهية، فهذا لا يعني انه تساوى مع التوراة في مكان العقاب ، وانما هناك عقاب دنيوي عن الافعال الدنيوية المنهي عنها (العلاقات بين الناس خاصة)، كالسرقة ، او الزنا مثلا ، اما ما له علاقة بالله ، كعدم الايمان بالله،والشرك به، وتكذيب ما انزل على النبي (الانبياء)، فالعقاب يكون اخروي. (14) .
***
4- الاختيار الالهي لبعض قرابة الانبياء:
* اختار رب التوراة هارون واولاده ، وابناء اللاويين كهنة في (مَسْكَنَ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ) ، (العدد : 3 : 6) لهذا فهم غير معدودين مع بني اسرائيل كما جاء في الاسفار.
(( - و كلم الرب موسى قائلا
- خذ اللاويين من بين بني اسرائيل و طهرهم )). ( العدد:8 : 5 – 6 )
((هذا هو المحسوب للمسكن مسكن الشهادة الذي حسب بموجب امر موسى بخدمة اللاويين على يد ايثامار بن هرون الكاهن )).( الخروج:38: 21 )
(( - اما سبط لاوي فلا تحسبه و لا تعده بين بني اسرائيل .
- بل وكل اللاويين على مسكن الشهادة و على جميع امتعته و على كل ما له هم يحملون المسكن و كل امتعته و هم يخدمونه و حول المسكن ينزلون .
- فعند ارتحال المسكن ينزله اللاويون و عند نزول المسكن يقيمه اللاويون و الاجنبي الذي يقترب يقتل .
- و ينزل بنو اسرائيل كل في محلته و كل عند رايته باجنادهم .
- و اما اللاويون فينزلون حول مسكن الشهادة لكي لا يكون سخط على جماعة بني اسرائيل فيحفظ اللاويون شعائر مسكن الشهادة .
- ففعل بنو اسرائيل حسب كل ما امر الرب موسى كذلك فعلوا )) . ( العدد:1 : 49 – 54 )
(( - و كلم الرب موسى قائلا :
- قدم سبط لاوي و اوقفهم قدام هرون الكاهن و ليخدموه .
- فيحفظون شعائره و شعائر كل الجماعة قدام خيمة الاجتماع و يخدمون خدمة المسكن .
- فيحرسون كل امتعة خيمة الاجتماع و حراسة بني اسرائيل و يخدمون خدمة المسكن .
- فتعطي اللاويين لهرون و لبنيه انهم موهوبون له هبة من عند بني اسرائيل .
- و توكل هرون و بنيه فيحرسون كهنوتهم و الاجنبي الذي يقترب يقتل. )). ( العدد :3 : 5 – 10)
واختارالله يشوع بن نون وصيا له بأمر الله:
((فقال الرب لموسى خذ يشوع بن نون رجلا فيه روح و ضع يدك عليه )). ( العدد :27 :18 ).
فيما لم يختر الله في الديانتين المسيحية والاسلام أي احد ، ان كان قريبا من النبي او من المؤمنين ، ليعطوا دورا في حياة النبي او بعد رحيله.
اما القول بخلافة السيد المسيح لتلميذه بطرس كما يقول بعض شراح الاناجيل (15) فهو غير مؤكد .
إذ بينما يذكر متي في انجيله هذا الامر:
(( - و انا اقول لك ايضا انت بطرس و على هذه الصخرة ابني كنيستي و ابواب الجحيم لن تقوى عليها
- و اعطيك مفاتيح ملكوت السماوات فكل ما تربطه على الارض يكون مربوطا في السماوات و كل ما تحله على الارض يكون محلولا في السماوات )). ( متي:16: 18 -19)
يذكر ايضا ما ينفيه في الفصل الثامن عشر ويجعل الخطاب موجها الى التلاميذ كافة:
(( الحق اقول لكم كل ما تربطونه على الارض يكون مربوطا في السماء و كل ما تحلونه على الارض يكون محلولا في السماء )). ( متي:18 : 18)
اما تلاميذ السيد المسيح فقد امرهم هو وليس الله كما في التوراة ، الى نشر رسالته بين البشر :
(( - فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس .
- و علموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به و ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين. )) . ( متي : 28 : 19 – 20 )
الا انه في مكان اخر من انجيل متي يقول السيد المسيح لهم :
(( - هؤلاء الاثنا عشر ارسلهم يسوع و اوصاهم قائلا الى طريق امم لا تمضوا و الى مدينة للسامريين لا تدخلوا
- بل اذهبوا بالحري الى خراف بيت اسرائيل الضالة )). ( متي : 10 : 5 – 6 )
وفي الاسلام لم يتم ذلك ، فالمؤمنون متساوون، سوى ان الله امرهم عند الجهاد ان تبقى طائفة من المؤمنين لهم دور معلوم ، فقال سبحانه: (16 )
((وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)). [التوبة: 122 ]
***
5 – اختلاف صور العبادة ، و طقوسها، واماكنها:
* فالطقوس العبادية (الصلاة خاصة) اليهودية تتم داخل (مسكن الشهادة) بأمر من الله كما هو مبين في التوراة. (راجع سفر الخروج)
اما في المسيحية ، فهي كما يقول السيد المسيح :
(( - و متى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يحبون ان يصلوا قائمين في المجامع و في زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم
- و اما انت فمتى صليت فادخل الى مخدعك و اغلق بابك و صل الى ابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية
- و حينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالامم فانهم يظنون انه بكثرة كلامهم يستجاب لهم
- فلا تتشبهوا بهم لان اباكم يعلم ما تحتاجون اليه قبل ان تسالوه
- فصلوا انتم هكذا ابانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك
- ليات ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض
- خبزنا كفافنا اعطنا اليوم
- و اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن ايضا للمذنبين الينا
- و لا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير لان لك الملك و القوة و المجد الى الابد امين
- فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم ايضا ابوكم السماوي
- و ان لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم ابوكم ايضا زلاتكم )).( متي : 6 : 5 – 15)
وان تكون صلاتهم في الخفاء ، في ( المخدع ) مع اغلاق الباب، انها صلاة فردية ، بين العبد وربه.
اما في الاسلام فقد كانت في المسجد ،دون طقوس مضافة لها، لكافة المسلمين ، مع وجود امام يؤم المصلين ، ويذكرهم – بخطبته – بالله الخالق ،و امور دينهم ،... الخ ، إذ يعد المسلمون هذه الصلاة تأكيدا لوحدتهم الدينية والاجتماعية والثقافية، او ان تبقى ضلاة فردية بين العبد وخالقه.
وقد اكد القرآن على صلاة الجمعة لتوفر تلك الامور التي ذكرناها في اعلاه.
(( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)). [ الجمعة: 9 ]
والحج اليهودي لم يكن الهيا ، بل جاء بعد ذلك بقرون الى الهيكل ، فيما المسيحية هي الاخرى ديانة دون حج مأمور به من الله ، لكنه اصبح بعد قرون الى بيت المقدس ، اما الاسلام فالحج جاء بأمر الهي الى الكعبة في القرآن:
((إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم)). [البقرة: 158 ]
(( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين [96 ] * فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)). [آل عمران: 97 ]
وكذلك هناك اختلاف في الصوم ايضا (متي في انجيله : الفصل السادس ،يذكر الصوم دون ذكر الكيفية والوقت والمدة ، وغيره من متطلبات الصوم)، وغير ذلك من العبادات ، او علاقة العبد بربه ، او العلاقات الاجتماعية.
***
6 - الخطيئة والفداء:
لم يـأت الاسلام ولا اليهودية بفكرة الخطيئة و الفداء ، أي ان هناك انسانا مختارا من قبل الله يفدي نفسه لخلاص مريديه (شعبه او الناس كافة) من الاخطاء (17) ، او من خطيئة أدم التي ادت به الى الخروج من الجنة.
ان الذي جاء بهذه الفكرة هو الفكر المسيحي – كما ترى هذه الدراسة - وليس الدين المسيحي:
(( من ذلك الوقت ابتدا يسوع يظهر لتلاميذه انه ينبغي ان يذهب الى اورشليم و يتالم كثيرا من الشيوخ و رؤساء الكهنة و الكتبة و يقتل و في اليوم الثالث يقوم)). ( متي:16 :21 ).
(( - لكني قد كلمتكم بهذا حتى اذا جاءت الساعة تذكرون اني انا قلته لكم و لم اقل لكم من البداية لاني كنت معكم
- و اما الان فانا ماض الى الذي ارسلني و ليس احد منكم يسالني اين تمضي
- لكن لاني قلت لكم هذا قد ملا الحزن قلوبكم
- لكني اقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق لانه ان لم انطلق لا ياتيكم المعزي و لكن ان ذهبت ارسله اليكم)).( يوحنا :16:4-7) .(18)
السبت، 05 آذار، 2011
***
الهوامش:
1 – لاننسى ان التوراة المدونة والتي بين ايدينا الان منذ اكثر من الفي سنة، قد تأثرت كثيرا بتراث الحضارة التي عاش بين ابنائها بني اسرائيل ، كالحضارة المصرية ، والحضارة الرافدينية ، والحضارة الكنعانية.
يقول القمني : ((وقد ساعد اليهود على الاحاطة بشكل واسع بتراث المنطقة وتحميله للتوراة، أن هناك ظروف أدت إلى ارتحالهم في مناسبات مختلفة إلى الرافدين وإلى مصر، مما أدى إلى زيادات وتراكمات اصطبغت مع كل ارتحال بلون جديد، مما أدى بباحث متحيز لليهود مثل "إيغار لسنر" إلى الاعتراف باحتواء التوراة على متنافرات عديمة الاتساق والتمازج، وقوله: "أن تابوت العهد، يعود بنا إلى مساكن آلهة النيل المتنقلة، وآثار السحر ترجع بنا إلى مصر، كلما تذكرنا قصة الطوفان والأرقام الغامضة ببابل، ويصير الإله البابلي جلجامش نمرود، وتصبح ثيران أشور المجنحة كروبيم العبريين، كما أن أسطورة الجنة، وشخصية الشيطان أهريمان وعالم الملائكة ورؤساء الملائكة، تعيد إلى أذهاننا بلاد الفرس، ونتعرف على البعل في إله الفينيقيين والكنعانيين في أسماء إشبعل ومربعل. لقد كان الفلسطينيون الذين يحتمل أنهم وفدوا أصلاً من كريت، ينظرون إلى اليمامة أصلا كإله، أما السمكة التي عُبِدَت في عسقلان، فتظهر في قصة يونان.
ومن ثم قام "برستد" بعقد مقارنات عديدة وهامة، بين ما عثر عليه من نصوص مصرية، وبين النصوص التوراتية، كان أهم نتائجها: أن حكمة الملك المصري الأهناسي المعروفة بـ "نصائح إلى مري كارع قد وجدت طريقها إلى سفر صموئيل وسفر الأمثال، كما أثر تصور المصرين لمفهوم العدالة تأثيرا لا يقبل شكا في سفر ملاخي وهو يقول: "إليكم يا من تخافون اسمي، تشرق شمس العدالة بالشفاء في أجنحتها – ملاخي ص4"، ويعقب بأن العدالة في المفهوم المصري مثلتها الآلهة "ماعت" بنت "رع" الشمس، وأن شمس العدالة وصفتها التوراة بأن لها أجنحة، ولم يوجد في أي تصور عبري صورة لإلههم يهوه تمثله بأجنحة. ولم يوجد ذلك إلا في النقوش المصرية وحدها.
ثم يؤكد أن اليهود – لا شك – كانوا على علم بأنشودة أخناتون العظيمة لإله الشمس، بعد أن قارنها بسفر المزامير، وكذلك كانوا على علم بحكم الحكيم المصري "آمن موبي "، بعد أن عقد بينها وبين أسفار أرميا والمزامير والأمثال مقابلة نصية كادت تكون حرفية، استغرقت حوالي خمس وثلاثين صفحة من القطع الكبير. هذا ناهيك عن العدد الكثيف والجم الغفير مما قدمه "برستد" اكتفينا منه بهذه اللمحات، مع الإحالة إلى المصدر لمن ابتغى المزيد.
أما عالم السومريات "كريمر" فقد قدم جهداً مشابها في مقارنات مدهشة حقاً ما بين التراث السومري وبين التوراة، حتى كاد يجزم أن كل آراء السومريين في الكون والدين قد انتقلت بتفاصيلها إلى التوراة، وذلك عبر البابليين الذين سبق وورثوا التراث السومري وشذبوه وقدموه إلى الدنيا، ويمكن الرجوع في ذلك تفصيلاً إلى أهم كتبه المترجمة، وهي: "السومريون تاريخهم وحضارتهم وخصائصهم"، "الأساطير السومرية، "من ألواح سومر")) .(الميثلوجية التوراتية – بلا ارقام - مستنسخ من الانتريت– سَيّد محمُود القمني).
2 - جاء في كتاب (التوراة والانجيل والقران والعلم) : (( ان العهد القديم مجموعة مؤلفات غير متساوية الطول ، ومختلفة النوع ، كتبت خلال اكثر من تسعة قرون في لغات عدة أخذا بالسماع ،وكثير من هذه المؤلفات صححت ثم اكملت، تبعا للاحداث او للضرورات الخاصة على مدى اجيالمتباعدة احيانا بعضها عن بعض .(...) وفي وقت متأخر قليلا ، ولعله في مجرى القرن العاشر الميلادي ، كان قد وضع النص اليهودي للاسفار الخمسة ، التي شكلت فيما بعد هيكل الاسفار الخمسة المنسوبة الى موسى (ع) . وزيد عليها فيما بعد المقطع الالهي والمقطع الكهنوتي)) . (ص 28)
3 – ربما يرد علينا بعض المدافعين عن هذه الاديان ويقول ان الدين الاسلامي قد (حرّفت ) فيه الكثير من شرائعه.
نقول بعد ان نؤكد عدم تحريف القرآن الكريم – وهذا هو المهم - ، فإن الفكر الاسلامي – وليس الشرع والعقيدة الاسلاميتين - هما الذان – ربما – اصابهما التغيير او التحريف.
- وجاء في مقدمة طبعة دار المشرق للكتاب المقدس، الصادرة سنة 1986 ما يلي: "ما من عالم كاثوليكي في عصرنا، يعتقد أن موسى ذاته كتب كل التوراة منذ الخليقة، أو أنه أشرف على وضع النص الذي كتبه عديدون بعده، بل يجب القول: إن ازدياداً تدريجياً حدث، سببته مناسبات العصور التالية، الاجتماعية والدينية".
4 – يقول شارح طبعة دار المشرق 1986 للكتاب المقدس ،عن الناموس : (( ينقسم الناموس الى قسمين احدهما جوهري كوصايا الله والاخر رمزي كأكل حمل الفصح فاما الامور الجوهرية في الناموس فبم يبطل المسيح شيئا منها واما الرمزية فاستبدلها بالمرموز اليه وعلى هذا الوجه تمم الناموس)).
5 – ترى هذه الدراسة ان الكهانة كما جاءت في التوراة لم تكن بأمر الهي لتعقيدها ، وللمال الذي يصرف عليها (وكأنه دين خاص بالاغنياء اصحاب الذهب والفضة وكثرة المواشي) ، ولمتطلباتها ، ولغيرها من الاسباب.
6 – وما يؤكد ذلك هو ما جاء في تلك الاسفار ، لانه لا يصدق ان الله يوحي لنبيه بمعلومات خاطئة كما اكد موريس في كتابه (التوراة والانجيل و القرآن والعلم) عن الخلق الاول وانساب بني البشر من آدم واعمارهم الى زمن موسى ، وغيرها.
* حتى في ما اكتشف من كتابات للملة الاسينية (ملة يهودية متأخرة ، قريبة من ظهورالسيد المسيح)، التي سميت بمخطوطات قمران ، تأكيد على ان الله (اله اليهود) هو خاص به ، يقولون عنه انه اله اسرائيل. راجع (مخطوطات قمران – دستوى الجماعة).
7 – ربما هذا من اضافات البشر ، لانه من غير المعقول ان يرسل الله اديان انسانية – تهم الانسانية جمعاء – لقليل من البشر، وقد انتبه بعض دارسي الاديان لذلك.
يقول واضع الهوامش على هذا القول: ( كان في احكام الله جلت حكمته ان المسيح يبشر اليهود بنفسه والامم برسله) .( طبعة دار المشرق 1986 للكتاب المقدس – ص 471 ).
ولم اطلع على هذه الاحكام على مساحة ما موجود فيما يسمى بالعهد الجديد .
اما في متي فقد كان العكس:
((- هؤلاء الاثنا عشر ارسلهم يسوع و اوصاهم قائلا الى طريق امم لا تمضوا و الى مدينة للسامريين لا تدخلوا
- بل اذهبوا بالحري الى خراف بيت اسرائيل الضالة)).( متي:10: 5-6 ).
فيما ظلت اليهودية – الى حد ما - مكتفية بطرحها الاول.
8 – يقول القمني : ((ومع هذا الاعتقاد الجازم في ألوهية المسيح، أو بنوته للإله، وأنه ولد من عذراء، وأنه هبط فداء للبشر وتخليداً للمؤمنين في عالم آخر عوضاً عن عالم الآلام الدنيوي، فقد تلازم مع هذا الاعتقاد اعتقاد آخر عجيب، فهذا لوقا بعد تأكيده عن المسيح "هكذا يكون عظيماً وأبن الله يدعى"، يردف القول مباشرة "ويعطيه الرب كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد - 1 - 32، 33" ثم لا يني يردد أنه "هو مسيح ملك - أم