جنس المحارم في القصة - علاقة الابن بأمه انموذجا
داود سلمان الشويلي
يربط علم النفس الفرويدي خاصة ، بين الابداع – أي كان نوعه – والكبت ، وقد درست حالة الابداع دراسة نفسية ، و توصلت الى ان :( "الشحنة الانفعالية" "للهو" أو "الأنا" أو "الأنا الأعلى" التي تولد القلق، وقد تمنع من الانطلاق إلى سطح الشعور، أو قد تتصدى لها شحنات انفعالية مضادة، أو القضاء على شحنة انفعالية أو وقفها بواسطة شحنة انفعالية مضادة يسمى كبتا" فالتركيب المعقد للنفس في انفعالاتها وشحناتها العاطفية خاصة في تدخل "الهو" تمثل الجانب الغرائزي المادي الذي يحاول دفع السلوك اللاّشعوري للانطلاق إلى سطح الشعور، حتى تتحقق على أرض الواقع، ولكن "الأنا الأعلى" الذي يمثل مجموعة القيم الروحية والاجتماعية والأخلاقية تحاول أن تقف في وجه "الهو" حتى لا يطفو على السطح، ويتجسد في سلوك الإنسان هذا الصراع بين "الهو" و"الأنا الأعلى" ينتج عنه كبت لكثير من السلوك والذي يكون مصدراً لكثير من النصوص الإبداعية ). (1)
إن نظرة "فرويد" إلى المبدعات الفنية الكبرى لا تخرج عن كونها تؤكد الاصل الكبتي للإبداع، إذ إنّ المبدعات الفنية عنده ليست إلاّ تعبيراً عن مكونات الطفولة، ودوافعها الملحة. (2)
وقد ناقش الجاحظ – ككاتب عربي اسلامي قديم - في اغلب كتبه قضية الجنس ، وتوصل الى ان : الجنس امر مشاع بين االمخلوقات، الا ان الشرع قد قنن هذه العلاقة . اذن ، فالتحريم جاء من الشرع وليس من طبيعة الاشياء.(3 )
***
وقد اخترت نموذج الدراسة هذا:(علاقة الابن بامه) ،لا لانه نموذج من العلاقات الجنسية الوحيد في الادب والواقع على السواء ، فهناك نماذج من العلاقات الاخرى التي قدمها الادب - والادب المكشوف خاصة- وكذلك ما يزخر به الواقع الحياتي من صور له، ومنه نموذج العلاقة بين البنت وابيها(4) او الاخت باخيها.
ونحن اذ نتناول هذا النموذج وننوه عن النماذج الاخرى، لا ننطلق من موقع رجل الدين وقضيته الاساس في الحلال والحرام ، او من موقع عالم الاجتماع او عالم النفس او عالم الاخلاق،وانما ننطلق من دراسة النموذج من الوجهة الادبية المقارنة حسب.
امامنا ثلاثة اعمال ادبية تتحدث عن علاقة الام بابنها او علاقة الابن بامه ، وعمل رابع اسطوري مستل من قصص الف ليلة وليلة، وهو عمل ادبي عربي بحت، وهذه العلاقة قد افضت الى:
1- جنس المحارم حسب المفهوم الشرعي الديني ، والعلاقات غير المشروعة عرفا . (قصة حبيبي لؤي وقصة ماما مارلين مونرو).(5)
2- فشل الابن ليلة زواجه من القيام بواجباته الزوجية ،وانكفائه على نفسه. (رواية السراب).
3 – قتل الام (شبحها العاري). (اسطورة جودر).
***
سبق ان قدمت دراسة مقارنة بين اسطورة جودر – الالف ليلية - واسطورة اورست (الاغريقية) ورواية السراب في كتابي (الف ليلة وليلة وسحر السردية العربية)(6) ، وتوصلت الدراسة الى نتيجة مفادها ان تراثنا العربي لا يخلو من الكثير من الاساطير التي يمكن من خلالها دراسة اعمالنا الادبية دون الاتكاء على ما في اساطير اليونان والاغريق التي حاول كتاب المسرح وكذلك علماء الاساطير وعلماء النفس الغربيين ، ومن ثم العرب، من توسيع رقعة نشرها والافادة منها ، في دراسة بعض الاعمال الادبية.
***
في الليالي، تروي شهرزاد اسطورتها الى زوجها الملك شهريار ، ومن خلال هذا الحكي ينتقل الضمير بين ان يكون ضمير المتكلم على لسانها مرة، وبين ان يكون على لسان ابطالها مرة اخرى، او ان يكون بضمير الغائب.
فيما رواية السراب يقدمها بطلها كامل رؤبه لاظ على لسانه ، فيقول :( "إني أعجب لما يدعوني للقلم، فالكتابة فن لم أعرفه لا بالهواية ولا بالمهنة.. الخ" نفهم من هذه البداية، أن بطل السراب هو الذي يتحدث إلينا من خلال تسجيله لما مر من حياته، بضمير المتكلم، حيث يعود بنا إلى الوراء، إلى أيام الطفولة، أيام كان يعيش في بيت جده مع والدته).(7)
اما قصة (حبيبي لؤي) فقد قدمت احد اثهاعلى لسان الام (بضمير المتكلم).
و قصة (ماما مارلين مونرو) قدمت الاحداث فيهاعلى لسان راو كامل العلم.
***
تبدأ احداث اسطورة جودر من لحظة سفر جودر مع التاجر المغربي(اذا تجاوزنا الاحداث الممهدة لها)، والدخول الى بناية لها سبعة ابواب تحت ماء النهر ، وخلف الباب السابع يرى (شبح)امه التي يطلب منها ان تخلع ثيابها ، فيقوم بقتلها حسب تعليمات التاجر المغربي لينتهي مفعول الرصد السحري للكنز.
فيما تبدأ رواية السراب من موت الام ، ويبدأ بطلها بتذكر مراحل حياته بالتفصيل.
اما قصة (حبيبي فؤاد) فتبدأ احداثها عندما تتذكر الام حياتها مع زوجها المتوفي ، وكيف انها سمحت لولدها ان يمارس الجنس معها، بعد ان كان فعل الصبي – ابنها- في البداية فعلا لا اراديا.
وفي قصة (ماما مارلين مونرو) يروي الراوي الكلي العلم احداث القصة ، بدء من حلم الابن الذي بدأت به القصة ، حتى الممارسة الجنسية ، وكنت اتمنى ان يكون الراوي للاحداث هو الابن لا الراوي المراقب للاحداث.
***
اسطورة جودر:
يقول التاجر المغربي لـ ((جودر)):
((اعلم أنني متى عزمت ألقيت البخور نشف الماء من النهر وبان لك باب من الذهب قدر باب المدينة بحلقتين من المعدن فانزل إلى الباب واطرقه فإنك تسمع قائلاً يقول: من يطرق باب الكنوز وهو لم يعرف أن يحل الرموز؟ فقل أنا جودر الصياد ابن عمر فيفتح لك الباب ويخرج لك شخص بيده سيف ويقول لك: إن كنت ذلك الرجل فمد عنقك حتى ارمي رأسك، فمد له عنقك ولا تخف فإنه متى رفع يده بالسيف وضربك وقع بين يديك وبعد مدة تراه شخصاً من غير روح وأنت لا تتألم من الضربة ولا يجري عليك شيء. وأما إذا خالفته فإنه يقتلك. ثم إنك إذا أبطلت رصده بالامتثال. فادخل حتى ترى باباً آخر فاطرقه يخرج لك فارس راكب فرس وعلى كتفه رمح فيقول: أي شيء أوصلك إلى هذا المكان الذي لا يدخله أحد من الأنس ولا من الجان؟ ويهز عليك الرمح، فافتح له صدرك فيضربك ويقع في الحال فتراه جسماً من غير روح وإن خالفت قتلك، ثم ادخل الباب الثالث يخرج لك آدمي وفي يده قوس ونشاب ويرميك بالقوس فافتح له صدرك ليضربك ويقع قدامك جسماً من غير روح وإن خالفت قتلك ثم ادخل الباب الرابع واطرقه يفتح لك، ويخرج لك سبع عظيم الخلقة ويهجم عليك ويفتح فمه ويريك أنه يقصد أكلك فلا تخف ولا تهرب منه، فإن وصل إليك فأعطه يدك فمتى عض يدك فإنه يقع في الحال ولا يصيبك شيء ثم اطرق الباب الخامس يخرج لك عبد أسود ويقول لك من أنت قل له أنا جودر فيقول لك إن كنت ذلك الرجل فافتح الباب السادس، فتقدم إلى الباب وقل له: يا عيسى قل لموسى يفتح الباب، فادخل تجد ثعبانين أحدهما على الشمال والآخر على اليمين، وكل واحد يفتح فاه ويهجمان عليك في الحال، فمد إليهما يديك فيعض كل واحد منهما في يد وإن خالفت قتلاك ثم ادخل الباب السابع واطرقه تخرج لك أمك وتقول لك مرحباً يا ابني أقدم حتى أسلم عليك فقل لها خليك بعيدة، اخلعي ثيابك. فتقول يا ابني أنا أمك ولي عليك حق الرضاعة والتربية، كيف تعريني؟ فقل لها إن لم تخلعي ثيابك قتلتك. وانظر جهة يمينك تجد سيفاً معلقاً، فخذه واسحبه عليها وقل لها اخلعي فتصير تخادعك وتتواضع إليك فلا تشفق عليها حتى تخلع لك ما عليها وتسقط، وحينئذ تكون قد حللت الرمز وأبطلت الأرصاد، وقد أمنت على نفسك، فأدخل تجد الذهب…)).(
***
رواية السراب:
تبدأ رواية السراب. بالسطور التالية: ("إني أعجب لما يدعوني للقلم، فالكتابة فن لم أعرفه لا بالهواية ولا بالمهنة.. الخ" نفهم من هذه البداية، أن بطل السراب هو الذي يتحدث إلينا من خلال تسجيله لما مر من حياته، بضمير المتكلم، حيث يعود بنا إلى الوراء، إلى أيام الطفولة، أيام كان يعيش في بيت جده مع والدته.. وكانت أمه قد تزوجت من أبيه الرجل الذي كان يعيش "عالة" على والده الثري، وما ورثه من إرث عن عمه.. وقد أنجبت منه ولداً وبنت.. وكان الأب ذاك سكيراً شريراً مما نتج عن سلوكه هذا الكثير من المشاكل بينه وبين أم كامل، فكانت أمه بين الحين والآخر، تترك بيت زوجها لتعود إلى بيت والدها.. وفي مرة أعادها والدها إلى بيت زوجها وطفليها، فكان أن حملت به، وولدته.. لكن المشاكل عادت مرة أخرى، فتم الانفصال النهائي بين الزوجين، فعاش "كامل" مع أمه في بيت جده مدللاً، وقد زاد اهتمام أمه به للتعويض عن الزوج والأطفال.. حيث نشأ نشأة غير صحيحة، إذ كان ينام مع أمه في سرير واحد حتى سن متأخرة، وكان يدخل الحمام معها.. فنشأ خجولاً، خائفاً، غير قادر على عمل شيء بنفسه.. وكان لسلوك أمه هذا، وتربيتها السيئة الأثر الكبير في زرع الخوف والعجز داخل نفسه، كما فشل في حياته الزوجية. عندما كان طالباً في الثانوي أحب -من طرف واحد- فتاة كان قد رآها وهي ذاهبة إلى المدرسة. بعد أن توظف أخبر أمه عن عزمه في الزواج فانتبهت الأم لما حصل له من تغير وخوفاً منها من انفصاله عنها بالزواج راحت تذكره بزواجها الفاشل (ص112) وما آل إليه من وضع سيئ يعيشانه سوية. لكن رياح الابن تجري بما لا تشتهي سفن الأم إذ يخطب بنفسه الفتاة التي يحبها- رباب- من أبيها ويتزوج منها والأم كارهة لذلك. وفي ليلة العرس الأولى لم يستطع كاملمن عمل شيء مع زوجته وتمضي الأيام بهما دونما تقدم. وبمشورة من أم رباب يوافق كامل على قيام صباح الخادمة بفض بكارة رباب عندها يقول في نفسه: "ولست أخفي أني شعرت بارتياح إلى اقتراح الأم. (9)فهو يزيل عقبة من سبيلي ويخليني من بعض المسؤولية ويعفيني من مراقبة الأم". (ص234) ).(10)
***
القصتان القصيرتان:
اما في القصتين القصيرتين (حبيبي لؤي ، ماما مارلين مونرو) فاننا لا نجد حادثة القتل ، بل حادثة ممارسة جنس المحارم، اذ ان الابن والام على السواء يرغب احدهما في الاخر جنسيا .
وربما يتساءل البعض : ما الرابط بين الحادثتين ، القتل وجنس المحارم؟
انه سؤال مشروع لمن يريد ان يفهم النصوص فهما ظاهريا ، اما من يريد التعمق في ذلك، فالدراسة ترى ان كل احداث النصوص المدروسة قد بني على العلاقة غير السوية بين الام وابنها ،والتي ادت الى قتل الام المعنوي ، ان كان ذلك من خلال قتل الشبح (اسطورة جودر) او من خلال ممارسة الجنس الدال على الوصول الى مرحلة الرجولة ، والذي يدل او يرمز الى قتل الام المعنوي ، الرامز الى الخروج من هيمنتها وسيطرتها ، أي الاستقلالية.
ان التماهي الذي تنشئه – لا اراديا في غالب الاحيان - الام بين زوجها وبين ابنها – مع فارق العمر – هو الاساس الذي تنبني عليه العلاقة الجنسية بينهما ، خاصة عندما يكون الزوج غائبا ، لسبب ما .
***
ان دراسات علم النفس الفرويدية ، خاصة ، تؤكد على وجود علاقة لا شعورية بين الابن والام ، كما بين البنت وابيها ، وهذه العلاقة التي تنمو في اللاشعور – في العقل الباطني - تطفوا - بعض الاحيان- على سطح هذا العقل ، فتاخذ لها صورا عدة ، ومن هذه الصور ،الممارسات الجنسية التي اصبحت واحدة مما دعي بجنس المحارم، ابتداء من الممارسة في الحلم وانتهاء بالممارسة الحقيقية، مرورا بالتخيلات والتصورات عند بعض الشباب الذين يمارسون العادة السرية، و الشباب الذين يمارسون الجنس اللا مشروع (11) (مع الصديقة او المومس)، كما حدث لكامل رؤبة لاظ مع عنايات، اذ لم) تكن عنايات سوى الصورة الثانية للخادمة الدميمة، والصورة المعكوسة للأم.. على الرغم من أنها مطابقة لها من ناحية السن إلى حد ما، حيث كانت تداعبه قائلة: -"يا كتكوتي" ص312 كما تداعب الأم طفلها).(12)
واذا كان الكاتب نجيب محفوظ قد ابعد بطله من الممارسة الحقيقية مع الام،مع العلم ان الاجواء العامة كانت مهيئة لذلك ، وكذلك من ان يصرح بالتصورات والتخيلات المخبوءة في لا شعور كامل عن الممارسة الحقيقية تلك عند ممارسة الجنس مع عنايات، فانه – الكاتب – كان امينا للرقابة المجتمعية في عدم طرح مثل تلك الموضوعات ، الا انه قد المح الى ذلك من خلال ما كانت تمثله عنايات من صورة التطابق للأم في السن خاصة ، وكذلك فشل الممارسة الجنسية مع الزوجة لما كانت تمثله له من تطابق في الجمال الظاهري لجمال الام ،فقد جاء اختياره لرباب لتكون زوجة له بدافع لا شعوري ، كونها تشبه أمه مع بعض الاختلافات الطفيفة. (فوالدته كما بدت له، في الصورة القديمة "بقامة طويلة وجسم نحيل ووجه مستطيل وعينين واسعتين خضراوين وأنف دقيق مستقيم" ص8 فيما كانت رباب تتصف بـ "قامة طويلة وقد نحيف رشيق وبشرة قمحية(......) ووجها مستديراً (......) وأنفاً صغيراً دقيقاً" ص85 أي إن رباب هي الصورة المطابقة لأمه من ناحية الجمال الجسدي بالنسبة له، مع فارق قليل سنتعرف عليه في وجه "عنايات". فالقامة طويلة، والجسد"القد" نحيل "نحيف"، والأنف دقيق مستقيم "صغير دقيق".. أي أن كاملا قد اتجه " لا شعورياً" إلى هذه الفتاة عند محاولته التحرر من سيطرة الأم، فعاد إليها مرة أخرى.( .(13)
اذن، نحن ليس امام تجربتين في الممارسة الجنسية ، بل امام تجربة واحدة ذات وجهين ، احدهما فاشل ، والاخر ناجح .
نجحت تجربة ممارسة الجنس مع عنايات بسبب قبح ودمامة عنايات ، وهذا القبح يقف بالضد من جمال الام ، اذن فهو قد مارس الجنس مع الصورة القبيحة للام ، لما تشكله هذه الممارسة (جنس المحارم) من علاقة لا مشروعة ، وفشلت في الان نفسه تجربة ممارسة الجنس مع الزوجة ، أي فشلت مع الصورة الجميلة للام ، أي فشل العلاقات المشروعة.
واذا كان نجيب محفوظ قد وقع تحت سلطة الرقيب الجمعي الاجتماعي– على اقل تقدير – الذاتي والموضوعي ، في ان يلمح ولا يصرح ، فان الف ليلة وليلة ، وما تمثله من ادب مكشوف – عند البعض - الى حد ما ، قد صرحت بالفعل المتماهي مع فعل الجنس مع الام ، وهو فعل قتل شبح الام العاري ، دون ان ننسى ان ذلك قد حدث بفعل سحر التاجر المغربي ، أي كان ايهاما ليبعد عنه تهمة الزنا بالمحارم.(14).
فيما كان النصان القصصيان قد كتبا تحت الحاح ذائقة جنسية مكشوفة ، لهذا جاءتا مصرحة لا ملمحة لفعل الجنس .
***
ان القتل الذي حدث للام من قبل ابنها – قتل شبحها العاري في الليالي ، وقتلها بصورة غير مباشرة في السراب - كان صورة اخرى لممارسة جنس المحارم ، فعندما تمارس الجنس مع الام تحولها من ام الى زوجة ، أي تلغي عنها صفة ودور الام لتبقى الزوجة ، أي تقتل الام.
وكذلك في النصين القصصيين ، فقد تحولت الام الى زوجة ، ان كان ذلك تلميحا او تصريحا .
فاذا كانت الام في قصة (لؤي حبيبي) قد احست بانتصاب العضو الذكري(15) لابنها الصبي، وهو يتحرك قرب عجيزتها اثناء نومه ، فان الام في (ماما مارلين مونرو) قد طلبت هي بنفسها ان يمارس معها ابنها الجنس على الرغم من ان السبب كان مقبولا عندها الى حد ما في انها تريد منه ان يحافظ على سائله المنوي ، فضلا عن انها لا تريده ان يمارس الجنس مع أي فتاة اخرى سواها خوفا عليه من الحسد،و (وما يحاولوش يؤذوك بالسحر والحاجات الوحشة) ، وهذا يذكرنا برواية السراب وخوف الام على ابنها من الزواج،الا ان القصة المحت الى ان الام كانت متلهفة لتلك العلاقة عندما سألت ابنها عن حلمه : ( فسألت الأم الصبى بصراحتها التى عودته عليها ، هل كنت تحلم بمارلين مونرو؟ أم كنت بتحلم بى أنا ؟؟)، ثم من خلال تبادل القبل المثيرة جنسيا .
اما قصة (لؤي حبيبي) فكان الاثنان – الام وابنها – ينامان في سرير واحد ، ويستحمان في حمام واحد في الوقت نفسه ، والام تخاف عليه لانها فقدت الزوج ، -وكل هذا يذكرنا برواية السراب والقصة الثانية واسطورة جودر الى حد ما- .
وفي ليلة ما ، تشعر الام بالعضو الذكري لابنها ينتصب محتكا بعجيزتها وهو يغط في نوم عميق ،فتعلل ذلك بسبب حرارة الغطاء:( قلت ربما هي حرارة اللحاف قد جعلته ينتصب)،الا انها تندهش لحجمه غير العادي بالنسبة لعمره ، وهذا بداية التفكير به بجدية ، ثم انها تتركه في مكانه لانها كما تقول: ( لا لاحساسي بنشوة ما ولكن ليبقى دافئا.)، او قولها عندما وجدت عضوه في ليلة اخرى بين فخذيها فتفكر بعزل فراشة الا انها ترفض الفكرة: (اذ لا استطيع ان افكر للحظة واحدة ان ابني سيبتعد عني ، فابعدت الفكرة على تفكيري) وهي اعذار غير مقبولة اجتماعيا على اقل تقدير ، وفي ذلك – كما ترى الدراسة – سبب اخر للتفكير به، أي لقبول الممارسة الجنسية معه ،خاصة بعد ان وجدت عضوه يذكرها بعضو زوجها من حيث الحجم والطول.
اذن ، كانت الام في النصوص المدروسة مهيأة لممارسة الجنس(16) مع ابنها للاسباب الاتية:
1- فقدان الزوج، وما يشكله الابن من ضمانة اكيدة في حمايتها من مصاعب ومتاعب الحياة كبديل عنه ، أي ياخذ دور الاب في الحياة.
2- التماهي بين الزوج –الاب وبين الابن في نظر الام.
3- العيش في مكان واحد معا لمفردهما.
4- الحب الزائد والمفرط للابن.
5- احتياجها للجنس، وخوفها من اقامة العلاقات خارج بيتها.
***
ومن المفيد ان نذكر ، ان الصبيين في القصتين ، كانا اكثر حياء من امهما ، اذ عندما بستيقظ لؤي من منامه ويرى عضوه بين فخذي امه، يصرخ خائفا باكيا: ( امي والله لم اكن اشعر بشيء ... كنت نائما ... لا اعرف ماذا حدث؟)،لهذا تقول له : ( ليس لك ذنب في ذلك ... انه النضوج يا ابني ... لقد نضجت واصبحت رجل كامل الرجولة وعليك ان تفرح).
اما في قصة ماما مارلين، فقد: (نظر الصبى لأمه يتوسل الى قلبها الحنون ألا تغضب ، وهمس ، راح أقول لك بس ماتزعليش وأنا راح أغسل كل حاجة...الخ). فترد عليه باسمة :( وضمت صغيرها العارى المبلول فى جسدها بقوة ، وهمست له همسة العاشقة ، مااتخافشى من ده خالص ياحبيب قلب أمك ، ده اسمه اللبن ، أو السائل المنوى اللى بيبقى مليان الحيوانات المنوية ، علامة على أنك كبرت ومابقيتش عيل خلاص ـ انت كدهه بقيت راجل خلاص).
اما في الاسطورة ، فيفشل جودر اول مرة في قتل الام العارية ، الا انه ينجح في المرة الثانية .( وعندما تتوسل إليه في أن يتركها بعد أن لم يبق على جسدها سوى ما يستر عورتها أمامه، يذعن لتوسلاتها ناسياً نصيحة المغربي، عندها تصيح قائلة: (قد غلط) وتطلب من الآخرين ضربه وطرده خارج الأبواب(...) ومن ثم إعادة المحاولة مرة ثانية في العام القادم(...) إن وصول (جودر) إلى الكنز ومن ثم إخراجه لـه دلالاته النفسية// الاجتماعية. لما فيه من دلالة رامزة إلى الرجولة) (17).
وبعد ان يقتلها ويخرج الكنز وياخذ حصته منه ،يتزوج ، وهذا معناه الاستقلال عن الام ، أي الوصول الى مرحلة الرجولة.
وفي رواية السراب ، نرى الام قد تنبهت بعد 25 عاما من عمر ابنها الى انه قد اصبح رجلا ،فتتوجس خيفة من ذلك : (بعد أن توظف أخبر أمه عن عزمه في الزواج فانتبهت الأم لما حصل له من تغير وخوفاً منها من انفصاله عنها بالزواج راحت تذكره بزواجها الفاشل). (ص 112- الرواية) هذا هو سبب الخوف الذي انتاب الام ، وهو الخوف نفسه الذي شعرت به امهات الاخرين في النصوص المدروسة .
ان ما تريد ان تصل اليه هذه الدراسة هو : ان النصوص الابداعية الجديدة – مع اختلاف الدرجة والنوع - والتي كتبت تحت ما يسمى بالادب المكشوف قد ازيل عنها حاجر الرقيب في تفكير الانسان فسمى الاشياء باسمائها دون التلميح عنها ، وهذا ما اعادنا – كعرب في بيئة مسلمة – الى ما تناوله وناقشه اجدادنا من موضوعات شبيهة قبل مئات السنين، وكانوا اكثر جرأة منا في الطرح نحن ابناء القرن الواحد والعشرين .
فلو عدنا الى المكتبة العربية – والاسلامية خاصة– وما فيها من كتب – نثرية او شعرية - كتبت قبل مئات السنين، لوجدنا الكثير الذي ناقش بصراحة وجدية هذا الموضوع الذي اصبح اليوم ضمن التابوات الكثيرة للمجتمع تحت لافتات شتى .
ان كتب مثل : (عودة الشيخ الى صباه) و (نواضر الايك في معرفة النيك ) ، وبعض كتب الجاحظ والانطاكي والتنوخي وابن الجوزي وابن حزم وابن داود والسراج وابن قيم الجوزية ، وتطول القائمة ، فضلا عما وصلنا من حكايات تسمى بحكايات العامة الا انها كانت منتشرة حتى في مجالس الخاصة واهمها كتاب (الف ليلة وليلة) ، وكذلك ما ذكرته اغلب قصائد فحول الشعراء خير مثال على ذلك.
ان ما ينشر هذا اليوم على مواقع النت من ادب مكشوف يهتم اساسا بأليات العملية الجنسية - وعلى الرغم من اننا لا يمكن ان نسمي اغلبه ادبا بالمعنى الفني - يؤشر الى جملة امور:
- ان الرقابة – الرسمية وغير الرسمية – قد تهاوت امام اصرار الشباب عن التعبير عن مشاعرهم واحاسيسهم .
- ان الكبت الذي (18) كان يكبل الشباب والشيوخ الذين كانوا شبابا قد رفع القيد عنه.
- العودة الى تسمية الاشياء باسمائها دون الخشية مما يسمى بقيم العيب المتعارف عليها بدون وجه حق .
- ان طرح موضوعة (جنس المحارم) (19) من خلال تلك النماذج القصصية يؤشر الى امر هام وخطير في ان واحد، هو ان من راح يكتب مثل هذه النصوص قد بدأ بالتحرر من الكبت الجنسي عنده من خلال الكتابة، لما فيها من حرية تمنحها للخيال الخصب عندهم .
***
الهوامش:
(1) انظر الشـــعر العــــذري - فــي ضــــوء النقـــد العربي الحـــديث (دراســـة فـي نقـــد النقــــــد)- محمد بلوحي - منشورات اتحاد الكتاب العرب – دمشق – 2000.
(2) المصدر السابق.
(3) انظر :الحيوان 3 ص167.
يقول كاتب معاصر عن عصرنا وربما قوله ينطبق على العصور التي خلت منذ خلق ادم : (في سن الشباب في عصرٍ ليس من السهل الصمود فيه امام تحريك الاحاسيس وحاجة الانسان لاشباع هذه الغريزة ) – انظر مقدمة صفاء الدين الصافي لكتاب (المتعة) لمؤلفة الدكتور السيد علاء الدين المنشورعلى النت.
(4) اقرا على سبيل المثال القصص القصيرة للقاص العراقي فؤاد التكرلي التي طرح فيها موضوعة جنس المحارم ، وقد استقى الكاتب اغلب هذه الموضوعات من قضايا المحاكم التي كان يشغل فيها حاكما.
(5)نشرت دون عنوان ،وسأطلق عليها عنوان:ماما مارلين مونرو.
(6) الف ليلة وليلة وسحر السردية العربية– داود سلمان الشويلي – اتحاد الكتاب العرب – دمشق – 2000.
(7) المصدر السابق.
(
المصدر السابق.
(9) في موضوعة فض غشاء البكارة ،ومن خلال قراءة معمقة للرواية نفهم ان هذا الموضوع يشكل قضية كبيرة في الثقافة العربية لانه الفيصل لمقياس الشرف والعفة عند الفتاة ، اذ جعله الكاتب اكبر مانع امام كامل – وامام بعض الرجال في الواقع – في ممارسة الحياة الزوجية السوية ، وكأن الكاتب يقول: لولا هذا الغشاء لعاش كامل حياة زوجية سوية .
(10)المصدر السابق.
(11) لا اقول الشرعية لاني لا اتحدث هنا عما هو شرعي او غير شرعي ، اذ يرى الكاتب ان هناك فرقا كبيرا بين المصطلحين ، فاذا كان احدهما ينطلق من حاضنة دينية فالثاني ينطلق من حاضنة اجتماعية عرفية ، وايضا فالكاتب يعي جيدا ان الاعراف والقيم في المجتمع العربي المسلم ليست كلها تنطلق من الحاضنة الاسلامية.
(12) الف ليلة وليلة وسحر السردية العربية - مصدر سابق .
(13) المصدر السابق.
(14) اعتمادا على الفهم الاسلامي للزنا ، فان النظر بالعين يعد زنا ايضا ، ولما كان جودر راى امه عاريا فهذا يعتبر زنا عين بالمصطلح الشرعي.
(15) تعددت الاسماء التي يطلقها العرب على الاعضاء التناسلية للذكر او الانثى ، ان كان ذلك اعتمادا على العمر، او اعتمادا على اللهجات المحلية للاقطار العربية ،او استخداما للفظ الفصيح ، وكان احد اسباب تعدد الاسماء هو الحياء الديني او الاجتماعي او اختلاف اللهجة المحكية ، وفي القصتين لم يلتفت كاتبيهما لمسألة الحياء العرفي او ارجتماعي او الاخلاقي وحتى الديني ،فاسموا العضو الذكري بـ ( العير ) والعضو الانثوي بـ (الكس ) ،وهي اسماء مشهورة لهما في المنطقة العربية لكنهما غير مستخدمان في اللغة او الكلام.
- وعن هذا الموضوع فقد تحدث ابن قتيبة في مقدمة كتابه "عيون الأخبار":
(وإذا مر بك حديث فيه إفصاح بذكر عورة أو فرج أو وصف فاحشة فلا يحملنك الخشوع أو التخاشع على أن تُصعّر خدك وتعرض بوجهك فإن أسماء الأعضاء لا تُؤْثِم، وإنما المأثم في شتم الأعراض، وقول الزور والكذب، وأكل لحوم الناس بالغيب). ("عيون الأخبار" لابن قتيبة. المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر. القاهرة 1963) .
(16) لا ننسى ان اسطورة جودر لا تقدم ممارسة جنسية بين الام وابنها ، وانما الاحداث تدل دلالة كافية على ذلك ،ويمكن ان نستنتج منها ان قتل الام العارية هو ممارسة جنسية بمعنى اخركما المحنا الى ذلك في متن الدراسة ، وكذلك ، فأن موت الام في السراب كان رد فعل لزواج الابن وما يشكله هذا الزواج من ابتعاده عنها ، فضلا عن حدوث الممارسة الجنسية الناجحة للبديل القبيح للام وفشلها مع البديل المطابق لجمال الام. كما ان ممارسة الجنس بينهما في القصتين هو قتل للام عند حدوث الممارسة.
(17) الف ليلة وليلة وسحر السردية العربية – مصدر سابق.
(18) يعرف الكبت :بـانه ( "الشحنة الانفعالية" "للهو" أو "الأنا" أو "الأنا الأعلى" التي تولد القلق، وقد تمنع من الانطلاق إلى سطح الشعور، أو قد تتصدى لها شحنات انفعالية مضادة، أو القضاء على شحنة انفعالية أو وقفها بواسطة شحنة انفعالية مضادة يسمى كبتا"(انظر : الشـــعر العــــذري – مصدر سابق).
(19) الكاتب هنا لا يتفق مع ما طرح من قصص – مهما كانت فنيتها- في هذا الجانب، وانما هو يدق ناقوس الخطر قرب اذان المختصين – علماء اجتماع وعلماء نفس ورجال دين متفتحين وعلماء تربية– لدراسة هذه الظاهرة علميا ووضع الحلول لها ، وكذلك الظواهر الاخرى ، مثلي العلاقة.