أكثر تصرفات الحيوانات تحكمها الغريزة فباستطاعة العنكبوت أن تنسج مأواها والعصفور أن يبني عشه دون ان يعلمه أحد ذلك ، وطير الوقواق الصغير يستطيع ان يجد طريقه إلى أفريقيا بدون مساعدة والديه غير أن الحيوانات العليا مثل الشمبانزى فإنه بإمكانها أن تتعلم. بعض الحيوانات تسبت في الشتاء أي أنها تغرق في سبات عميق طيلة الأشهر الباردة وهي الحيوانات ذات الدم البارد التي لا تستطيع ضبط حرارة جسمها فإذا لم تغرق في السبات تتدنى حرارة جسمها فتموت. والحيوانات ذوات الدم الحار لا تحتاج إلى الإسبات إلا أن هناك بعض الشواذ فئران الحقل والقنافذ والدببة وبعض الخفافيش تسبت مع أنها ذات دم حار. تشمل مملكة الحيوان مئات الألوف من أنواع المخلوقات ، تراوح في الحجم بين المخلوقات ذوات الخلية الواحدة الميكروسكوبية الحجم إلى الحوت الأزرق في الطرف الآخر. وتوجد الحيوانات في كل البيئات من قاع المحيط السحيق إلى قمم الجبال العالية ، ومن الصحاري المحرقة إلى مجاهل القطب المتجمدة . وقد وهب الله كل نوع من الحيوانات طريقة معيشته لتناسب البيئة التي يعيش فيها ، ومع أنه قد تبدو فروقات كبيرة في أشكال بعض الحيوانات إلا أنها تكون حائزة على خصائص متماثلة أحيانا مما يصنفها في عداد الحيوانات وليس النباتات .وللحيوانات حواس متقدمة لتتعامل مع البيئة المحيطة نشملها فى الآتى : * الحواس : لجميع الكائنات الحية ردود فعل تجاه أي تغير في البيئة حولها ، ولكن للحيوان إحساس أدق وأرهف بهذه التغيرات . والسبب هو أن الحيوان يتمتع بأدوات حواس مطورة إلى حد بعيد ، وأكثر الحيوانات تستطيع أن ترى وتسمع وتشم وتحس وتتذوق، ويختلف تطور كل من هذه الحواس باختلاف الحيوانات ، مثلا للحشرات حاسة بصر دقيقة جدا ، بينما لا تستطيع الخفافيش أن ترى جيدا وللتعويض عن ذلك تتمتع الخفافيش بحاسة سمع مرهفة إلى درجة هائلة وبإمكانها تلمس طريقها في الهواء بالاستماع إلى صدى أصواتها الزاعقة . تطورت حواس الحيوانات بحيث تتناسب مع طرقها المعيشية . فأحيانا تؤثر طريقة الحيوان في المعيشة على إحدى الحواس تأثيرا خاصا فتتطور هذه الحاسة على حساب الحواس الأخرى . * النظـــر: النظر هو إحدى أهم الحواس لدى الحيوانات . وهناك أنواع عديدة من العيون ، فالعيون البسيطة جعلت فقط لتمييز درجة النور والتغيرات التي تطرأ عليها ، بينما العيون المتطورة تستطيع تمييز الأشكال الثلاثية الأبعاد ، وأحيانا الألوان والنظر يساعد الحيوان على رؤية مصدر غذائه وكذلك تجنب أعدائه . عين الفقاريات أداة دقيقة التركيب معقدة ، لها نافذة شفافة تدعى القرنية ويمر الضوء عبر هذه إلى العدسة ، حيث تضبط كمية الضوء المسموح له بالوصول إلى العين بواسطة القسم الملون المسمى الحدقة والحدقة تركز الضوء على الخلايا الحساسة في مؤخرة العين التي نسميها شبكية العين . * السمــع : حاسة السمع لها نفس أهمية حاسة النظر بالنسبة لغالبية الحيوانات . فهي تساعدها ليس فقط على إدراك أن شيئا ما يقترب منها ، بل كذلك على تقدير سرعته وربما أيضا حجمه . وأداة السمع هي الأذن ، وهي عبارة عن طبلة جلدية على جانب الرأس ، غالبية الحيوانات لها أذنان ، واحدة على كل جهة ، ويساعدها هذا على تمييز المكان الذي يصدر عنه الصوت ، وتوصل الأصوات التي تصل بشكل ذبذبات في الهواء والماء حيث تصدم طبلة الأذن ووراء الطبلة توجد فجوة الأذن الوسطى ، حيث ترسل الذبذبات بواسطة صفوف من العظام الصغيرة إلى الأذن الداخلية . ومن غشاء الأذن الداخلية ترسل الذبذبات إلى الفجوة اللولبية إلى القسم المسمى القوقعة حيث تتولى خلايا الأعصاب توصيل الإشارات إلى الدماغ . وغالبا ما يكون العميان أكثر إحساسا بالفرق في الأصوات من الأشخاص ذوي النظر السليم . فالعميان كثيرا ما يستعملون الصدى لمعرفة بعدهم عن شيء ما . * اللمس والتذوق والشم : جميع الحيوانات تقريبا تحس باللمس ، وبعض المخلوقات البدائية ، مثل الأمبيا ، تكتفي بأن تبتعد . أما الحيوانات الأكثر تطورا فإن ردود فعلها تختلف باختلاف فهمها لهذا اللمس. وحاستا الذوق والشم تتقاربان تماما ، ومجال التذوق بخلايا الذوق على اللسان محدود جدا ، ولكن ما يساعده على ذلك هو الشم . والشم يمكن الحيوانات من التعرف على محيطها وأماكنها وكذلك التعرف على مجموعاتها . أعلى الصفحة * حركة الحيوانات : أن أوضح الفروق بين الحيوان والنبات هو استطاعة الحيوانات التحرك ، ويستثنى من ذلك الحيوانات البحرية القشرية وهلاميات البحر والتى تعتمد على تيارات المياه لتنقلها من مكان إلى آخر . كثير من الحيوانات تستطيع السباحة إلا أنها لا تسبح كلها بالطريقة نفسها . فالأسماك والحيتان تدفع نفسها إلى الأمام بقوة أذنابها . وبعض الأسماك والمخلوقات البحرية الصغيرة تتحرك عندما تلوّح بأنواع من الجفون أو الشعور المتدلية . والطيور والحشرات تستطيع الطيران ، وكذلك الخفافيش هي من الثدييات الوحيدة التي لها أجنحة شبة حقيقية وتستطيع الطيران حيث ان لاذرعها زوائد جلدية تشبه الجناح وهو ما أشار الله إليه فى محكم آياته عندما خلق على يد سيدنا عيسى الخفاش وهو على هيئة الطير " أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ " 49 آل عمران ، ولكن أهون الطرق التي يتحرك الحيوان فيها هي المشي . والفقاريات لديها عادة عضلات قوية في رجليها مناسبة تماما للمشي . أما البعض لا يستطيع المشى أو الجرى فأرجلها أقل مهارة للتنقل على الأرض كالضفادع لا تستطيع المشي لكنها بارعة في القفز بواسطة رجليها الخلفيتين الطويلتين وكذلك الكنغر ، أما الزواحف فلا أطراف لها ولكنها تشد نفسها على الأرض بواسطتها . كثير من الحيوانات تملك عدة مهارات في مجال التحرك : مثلا باستطاعة البط أن يسبح ويطير ويمشي ، على هواه . * البحث عن الزوج : جميع الكائنات الحية تتزاوج وتتوالد إذا أرادت أن تبقى على وجه الأرض . وهناك نوعان أساسيان من التوالد والتكاثر : التوالد اللاتزاوجى والتوالد الجنسي ، أو التناسلي . التوالد اللاتزواجي يعني ان الحيوان لا يحتاج إلى البحث عن زوج . فكثير من أجناس الخلية الواحدة تتكاثر بهذه الطريقة ، فتنقسم إلى قسمين متشابهين تماما عندما تصير بالغة وهذه الطريقة في التكاثر تعني أن الحيوانات تكون جميعها متشابهه ، وكل بالغ منها يستطيع ان ينتج اثنين على شاكلته يحلان محله. * التناسل الجنسى: الأسلوب الأكثر شيوعا هو التوالد الجنسي . وهذا يتطلب خليتين تتحدان معا ، إذ أن كل خلية تحتوي على نصف المواد الوراثية اللازمة لإنتاج نسل جديد. إحدى الخليتين اكبر من الأخرى ولا حاجة لها للتحرك وهي خلية البويضة أما الخلية الأخرى فأصغر بكثير ، ولها ذنب طويل كالسوط وهذه هي الجرثومة المنوية. البويضة تفرزها أنثى الحيوان ، والجراثيم المنوية من الذكر . وعندما تتحد البويضة والجرثومة المنوية تجتمع العناصر الوارثية خصائص من الأم والأب . وأغلب الحشرات تبيض وكذلك الديدان والصدفيات والعناكب والأسماك الصدفية . وبين الحيوانات العليا مثل السمك والزواحف والطيور إلا أن بعض هذه المخلوقات تحتفظ بالبيض داخل جسمها حتى يقترب ميعاد فقسها فتضعها بعد ذلك . إن أكثر الحيوانات تنمو لتصبح مشابهة لوالديها فالحشرات تمر في أطوار يرقات ثم عذارى قبل ان تنمو وتتغير وتأخذ الشكل أو الطور الكامل وهى الحشرة . كذلك البرمائيات تمر في أطوار متعددة قبل أن تصبح ضفدعة . والحيوانات الدنيا تبيض أعدادا كبيرة لأن قليلا منها يسلم حتى يكتمل نموه فعلى الصغار أن يتدبروا أمورهم بأنفسهم . وتستطيع الحشرة أن تضع آلاف البيض وكذلك الأسماك وفي كل كتلة بيض تضعها الضفدع هناك أكثر من 4000 بيضة . الطيور والثدييات ذوات عائلات أصغر بكثير وللتأكد من أن بعضها يكمل نموه تعطى البيض بعض الحماية مثلا تضع أنثى الطير بيضها في عش تبنيه لأجل صغارها وتتولى إطعام الصغار ريثما تستطيع مغادرة العش والثدييات ترضع صغارها من حليب الأم وتعتني بها مدة طويلة بعد ولادتها . بعض الحيوانات تستعمل الطريقتين أعلاه في التناسل فالمرجان وأشباهه من المخلوقات المائية تتواتر بين أطوار اللاتزاوجية والجنسية في دروتها الحياتية . وأثناء التطور اللاتزاوجي ينتج الحيوان (برعما) على جانب الكتلة المكونة ، ويصبح هذا البرعم مخلوقا إضافيا . وقد تصبح هذه المخلوقات الإضافية مستعمرة قائمة بذاتها. أما في الطور التناسلي الجنسي فهي تطلق مخلوقات هلامية تحمل بويضات وجراثيم منوية تتحد في الماء وتصبح يرقانات تنمو وتتحول إلى مخلوقات جديدة . ديدان التراب والبزاق وأمثالها خنثوية ، أي تحمل كل واحدة منها أعضاء تناسلية أنثوية وذكرية يمكنها أن تنتج بويضات وجراثيم منوية وأي حيوانين بالغين منهم يمكن أن تتوالد . المغازلة : كثير من الحيوانات تتزواج فقط في أوقات معينة من السنة حينما تجتمع وفي أحيان كثيرة تتبع الحيوانات طرقا معقدة في المغازلة . الذكور عادة تتنافس على الإناث ، وكثيرا ما تكون الذكور أكبر حجما وأكثر ألوانا من الإناث ، فالطاووس الذكر يجر ذنبا طويلا من الريش الملون ، يفتحه بشكل مروحة جذابة عندما يريد ان يلفت نظر الأنثى ، التي تكون أقل بهرجة منه. وتستعمل الحيوانات كذلك أصواتًا مختلفة لاستمالة أزواجها . فالضفادع تنق والعصافير تغرد. وبعض الحيوانات تلجأ أحيانا إلى إطلاق روائح خاصة لاجتذاب أزواج فالروائح التي تطلقها بعض الحشرات تصل إلى مسافات بعيدة حيث تستنشقها الأزواج العتيدة وتسارع إلى تلبية النداء . كذلك العديد من الثدييات تصدر عنها روائح خاصة في مواسم التلقيح والتزاوج وهذه الروائح تصدر عن الذكور وعن الإناث، وتعني غالبا أن الحيوانات حاضرة للتزاوج. أعلى الصفحة أكثر الحيوانات تلجأ الى أساليب خاصة للتزاوج ، مع تغيير ألوانها أو إصدار روائح خاصة ، مقرونة بسلوك خاص لهذه المناسبات قد يكون هناك (مشية) أو رقصة ، أو مبارزة بين ذكرين تكون فيها الإناث من حظ الفائز. وثمة أسباب عديدة للمغازلة فهي تبين أيا من الحيوانات قد بلغ أشده وأصبح مستعدا للتزاوج ، كما تبين قدرته الجسدية على ذلك وأكبر فوائد المغازلة ربما كانت لتشجيع التزاوج والتناسل . ولدى العناكب وفرس النبي (Praying Mantis) من الضروري جدا أن يتبع الذكر أساليب المغازلة الصحيحة ، وإلا فقد تخطيء الأنثى وتظن أنه إحدى فرائسها وتأكله ! * الأمومة لا تكرس كل الحيوانات نفس الجهد والعناية لصغارها ، إذ أن ذلك يتوقف على عوامل عديدة . فالحيوانات القصيرة العمر قد لا تكرس أي وقت لهذا الأمر ، كذلك عدد المواليد قد يؤثر على مقدار العناية ونوعيتها. فالحيوانات التي تضع أعدادا كبيرة من المواليد كل سنة تصرف وقتا أقل بكثير للعناية بمواليدها. جميع أنواع الطيور تنتف ريشها فى منطقة البطن حتى تتعرى ويصبح جسمها ملائما لعملية التحضين للبيض. وعادة يتم ذلك فى فترة اقتراب موعد التحضين. وتتعرى الطيور فى تلك المنطقة إلا من الأوعية الدموية التى ترفع حرارة الجلد وتسمى تلك البقع ببقع الحضانة. كما أن كثير من الطيور تقلب بيضها كل 12 ساعة ليضبط البيض على البقع الحاضنة تماماً. ثم تقوم الطيور بجمع يرقات ودود الحشرات وبذور الثمار وتضع الأكل فى فم صغارها والكثير من الطيور تقوم بمضغة جزئيا ويضعها الطير فى حويصلته فيمد الصغار مناقيرها لداخل الحويصلة وتتغذى بها. كما إنها تقوم ببناء أعشاشها لحضانة البيض والصغار بهندسة رائعة يختلف كل طير عن الآخر فيها لدرجة أن علماء الحيوان تميز نوع الطير بشكل العش أو حجمه أو تركيبه أو مكانه أو خاماته المستعملة فى بناءه، ومن أجمل العشوش عش طائر السمان والطنان الذى يبنيه على هيئة الفنجان. وأجمل وأزهى عش هو عش طائر السكسكه حيث يبنى عششاً ذات قباباً وتبطنها بالداخل بالريش الناعم وطيور عصافير الجنة تلصق عششها الطينية على جدران المنازل وطيور كسار البندق تبنى عشها فى ثقوب الأشجار ويسده بالطين ويبقى ممراً لدخوله وخروجه. طائر البطريق يضع بيضة واحدة يحضنها الذكر بوضعها على قمة قدمه ثم يتقوس جسمه ليلامسها ببطنه حيث الجلد الحار وذلك لمدة شهرين. طير أبو قير تدخل أنثاه فى نقرة شجرة وتضع بيضها فيأتى الذكر ويطلى النقرة بالطين ولا يدع إلا كوه ضيقه تكاد لا ترى فتسع لعنق أنثاه الحبيسة ليدخل منها الغذاء لها إلى أن يفقس البيض. طائر قناس المحار عندما يحس باقتراب الخطر على صغاره يجرى على الأرض يجر جناحه المتدلى متصنعاً الإصابة بعيداً عن العش وإلى أن يقطع مسافة يشعر فيها أن عشه صار فى آمان يرفرف بجناحيه وينطلق هارباً فما له من ماكر. الطيور تعلم أولادها الطيران بإلقائها من علو داخل العش. والهدهد يقتل أضعف فراخه ويمرن الباقى. أن الأمومة عند الحيوان تعنى الحنان والجهد والتضحية لحد إزهاق الروح فى سبيل الحفاظ عليها. فاللبؤة ترعى الأشبال حتى بعد الفطام. وأنثى الفيل ترعى صغيرها إلى سن الفطام فى السنة الثالثة أو الرابعة من عمره. فأنثى تمساح النيل تضع بيضها في حفرة في رمال الشاطئ ، فوق مستوى ماء النهر ، فيتم تطور البيض على حرارة مستقرة إلى حد ما بسبب كونها مطمورة بالرمل . وعندما توشك أن تفقس تصرخ التماسيح الصغيرة منادية من داخل البيضة وصراخها يسمعه الوالدان على بعد بضعة أمتار فتحفر الأم الرمل وتنبش البيض فيخرج الصغار منه فيحمل الولدان الصغار في شدقيهما الواسعين فى جراب خاص على طول الشدق السفلى وينقلانهما إلى منطقة الحضانة قرب النهر وقد تظل عائلة تمساح النيل معا لحوالي سنة كاملة والطريقة التي يتصرف فيها الصغار تجعل الأهل يؤمنون الطعام والعناية . أما الكنغر يلد حيوان لم يكتمل نموه بعد فتضعه الأنثى فى جراب خاص عند بطنها حيث تحضنها إلى أن يكتمل نموه. العنكبوت يضع بيضة فى حقيبة من نسيج العنكبوت المنسوج وعند موعد الفقس تمزق الحقيبة ثم تحيطها بخيوطها وتظل تحرسها إلى أن تسعى. والعقرب يضع ما بين 3-100 صغير على ظهرة إلى أن تقدر على السعى. أما الخفاش شديد الحنان على صغاره وتضم الأنثى جناحها عليها وتطير بها إذا أحست خطراً. أنثى البق المائى ترقد على الشاطئ تحت الأحجار وتلتف حولها الحوريات الصغيرات وعندما يتحرك الحجر لأى سبب تهرع إلى الصغار وتربت عليها بقرون استشعارها بحنان دافئ وأمومة عذبة. أنثى صرصور الحقل عند فقس البيض تحمل اليرقات بين أجزاء فمها وتغذيها بفتات الحشائش الغضة. وإذا ما أقترب أحد تبدئ شراسة وتهاجم حتى أباهم. سمك القرش والدلفين والحوت ترعى صغارها وتظل تسبح بجانبها إلى سن الخامسة تقريباً. أما القرود فجميعها تعتنى بصغارها عناية فائقة ولها عواطف كعواطف بني الإنسان. كل الأمهات تحمل أبنائها فالكلب يحمل صغاره بفمه من الجانب الأيسر والقطة تحمل صغارها بالفم ولكن من قفا العنق والفأر يلتقط الصغار من جانب الأذن وأنثى الدب تدخل رأس صغيرها كله فى فمها وأنثى السنجاب تلتقطه بفمها من بطنه، أنثى التمساح يحمل صغارها فى فمها وكأنها تأكلهم، القرد تحمل صغارها على ظهورها وهى تتسلق الأشجار، كلب البحر يسبح على ظهره ليحمل صغاره على البطن، والعقرب يحمل صغاره على ظهره، والكنغر يحمل صغاره فى كيس عند البطن. الأمومة عند القطة تدفعها إلى تنمية مهارات الصيد عند صغارها فتأتى بفأر نصف ميت وتضعه أمامها لتعلمه كيفية إفتراس الفأر. والقطة أيضاً تضرب أمامها كرة صغيرة ضربا خفيفاً وتدحرجها وتنقض عليها وتحملها بفمها وكأنها تمرن الصغار عما يجب أن تفعله مع الفأر. والجرد يمسك بأسنانه قطعة خرق ويمزقها أمام الصغار وكأنه يمزق قطعة اللحم. والثعلب يحتال ويناور ويخفى بعض الطعام قرب ذكرة ثم يعلم صغاره كيف تمكر وتتحايل لتحصل عليه. وابن عرس يعلم صغاره كيف ترفع الأحجار لتبحث تحتها عن سراطين البحر. وأنثى الدب تأخذ صغارها لتعلمها صيد سمك السالمون. إن عالم الأمومة عن الحيوان لهو عالم ساحر لكل مُتدبر متفكر فى خلق الله ويا لها من آية من آيات الله فى خلقه فهل من متدبر. اجتماع الأمومة والشراسة فى الحيوانات: أن المتأمل للوحوش مثل النمر مع أطفاله تحتضنها تارة وتلاعبها تارة أخرى ليندهش من اجتماع الضدين بين الوحشية والقسوة وحنان الأبوة من الجانب المقابل . هذا التناقض يترك فى نفوسنا سرورا أشبة بسرورنا للعاصى عندما يتوب أو للولد البار بوالديه أو لمنظر النخيل وأشطائه والموز وفسائله فالاجتماع والمؤانسة من ارقى صور الأخلاق وأكثرها قربا للفطرة السليمة لذى فأننا نرى أن من يفتقد لهذا الشعور الفطرى من الحب نحو ذو رحمة نعده من مرضى القلوب ويقول المولى تعالى فيهم " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ{22} أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ{23} سورة محمد "