عدد الرسائل : 28 العمر : 47 المدينة : https://birelater1.mam9.com المهنة : اعلام الي الهواية : اعلام الي السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 21/02/2009
موضوع: محمد الشبوكي شاعر العلم والجهاد الأحد نوفمبر 01, 2009 4:25 am
محمد الشبوكي شاعر العلم والجهاد
توطئة: إن الثورات في العالم حظيت بقسط وافر من الأدب الذي يمثل الثورة ونضالها، يتفاعل معها لأنه نتيجة طبيعية أو صرخة حق تطالب بها هذه الثورة ولعل الأدب يأخذ دورا فعالا في عملية التحريض الثوري. ومن هنا كان للأدباء الدور الطليعي في العمل الثوري من أجل إعلاء كلمة الثورة وتصعيد النضال، وشاعرنا محمد الشبوكي شاهد عيان على ذلك فمن هو هذا الشاعر ؟ السيرة الذاتية: محمد الشبوكي هو محمد بن عبد الله الشبايكي المدعو الشيخ الشبوكي من قبيلة الشبايكية إحدى بطون ولاد حميدة من الفرع الأكبر للنمامشة من رجال الربع الأول من هذا القرن من مواليد 1916 ببحيرة الأرنب إحدى بوادي مدينة الشريعة بمنطقة ثليجان بولاية تبسة. تتلمذ في بادئ الأمر على يد والده فحفظ جزا من القرآن الكريم ثم ألتحق بكتاب الأسرة فحفظ القرآن كله وعددا من المتون العلمية المتنوعة ونصيبا من الأحاديث، ومجموعة من أشعار العرب القديمة. ساد عصره فقرا شديدا فتردد أهله على ضواحي تونس وخاصة الحامة ونفطة وتوزر بالجنوب التونسي لتلقي المبادئ العلمية في النحو والصرف والحساب عن الشيوخ، شيخ محمد بن احمد، الشيخ الإبراهيمي الحداد، الشيخ محمد لعروسي العبادي، الشيخ التابعي بن الوادي رحمهم الله جميعا وجزاءهم الله عن بث العلم والمعرفة أحسن الجزاء. وفي سنة 1934 تحول إلى تونس العاصمة لمواصلة الدراسة بالجامعة الزيتونية إلى أن أحرز شهادة التحصيل سنة 1942 وعام التحصيل كان أيضا عام العودة إلى ارض الوطن والتحق بقافلة الدعاة في ظلال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وتحت إشرافها وبتوجيهها يعود إلى الجزائر معلما وناشرا للدعوة في المدارس الحرة التابعة للجمعية وتحول في هذه الربوع بين تبسة وباتنة. وكان الشاعر عضوا نشيطا في نضالات الحركة الوطنية عضوا عاملا في جمعية العلماء ثم عضو المجلس الإداري في فترته الأخيرة ولما اندلعت ثورة التحرير الكبرى في الفاتح من نوفمبر 1954 التحق الشيخ محمد الشبوكي عمليا عام 1955 وانظم إلى أول خلية ثورية أسست بالشريعة ولاية تبسة وقد كلف بالتوجيه والإعلام وبث الدعاية للثورة ومنذ اندلاع الثورة التحريرية واجهت أصابع الاتهام الكولونيالي إلى كل أنصار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وإلى الشعب الجزائري كله فكانت الدائرة الاستعمارية تحكم حلقاتها على كل من شارك في تعليم اللغة العربية او نشر في الشعب مبادئ الإسلام. وفي ليلة باردة من شهر فبراير من سنة 1956 ألقت السلطات الفرنسية القبض على الشاعر وأعتقل إلى المعتقلات الوحشية التي بقي فيها ستة سنوات معتقل في الجرف القريب من المسيلة وحول على العديد من المعتقلات الأخرى الموجودة في غرب البلاد وأوسطها. وقد عاش الشاعر محمد الشبوكي حياة مليئة بالمغامرات والمفاجآت، فقد حاول الاستعمار شل حركته في الكثير من المعتقلات إذ تعرض إلى أنواع كثيرة من التعذيب وهو يعترف بذلك فيقول: (تعرضنا في المعتقلات إلى أنواع كثيرة من الممارسات اللا إنسانية ومن الأمثلة على ذلك كان الجنود الفرنسيون يقتحمون علينا الزنزانات ونحن نائمون وبأيديهم عصي فيشرعون في ضربنا وتفتيشنا بكل وحشية وكانت نية الاستعمار من وراء الاعتقالات هو إرغام الشعب على عدم التعامل مع الثورة وإبعاده عنها بقدر الإمكان وإعطاء فكرة أن المجاهدين ليسوا إلا جماعة متمردة لا تستغرق عملية القضاء عليهم إلا أياما معدودة غير أن سفينة الحرية كانت تجري عكس رياح هذه النية الاستعمارية فلم تزد المعتقلات وأنواع القمع والتعذيب للمعتقلين إلا تصميما على التلاحم والالتفاف حول الثور) وقد قرأ مجموعة كبيرة من الكتب الأدبية في ذلك الوقت في المعتقلات إلا أن المستعمر كان كما قال الشاعر: يحاصرنا ويمزق الكتب أو الأوراق التي يجدها بحوزتنا، وعلى الرغم من أنني كتبت العديد من القصائد الشعرية وأنا في المعتقل فإن الاستعمار أحرقها لي كلها ولم تنتج من سطوته إلا بعض الأشعار القليلة جدا. وقد كانت له محطات في المعتقلات ما زال يذكرها ويعتز بها لأنه أدرك فيها الكثير من معاني الجهاد وشاهد عن كثب صمود الجزائريين المجاهدين حتى داخل القضبان والأسلاك الشائكة. وأولى هذه المحطات أو الومضات القيام المستمر بمهمة التعليم لكل الإخوة المعتقلين الذين هم في حاجة على ذلك وكنا نؤدي هذا العمل بطريقة محكمة وآتت نتائجها الطيبة، بحث عندما أطلقوا صراحي وجدت الكثير ممن كانوا يتعلمون عندنا في المعتقلات قد واصلوا تعلمهم حتى أصبحوا بعد ذلك إطارات مثقفة بعد أن كانوا أميين او أشباههم. وثانيها: عقد الندوات الأدبية داخل الغرف القصديرية التي نسكنها رغم الموانع التي تفرضها حراسة المعتقل، ففي (بوسوي) مثلا حشرت نخبة من معتبرة من الأدباء والشعراء والمعلمين، استطعنا بذلك أن نكون حركة ثقافية توجيهية قوية فكانت مرحلة من أتمن مراحل حياتنا في المعتقلات. وقد كنا بالإضافة إلى التعليم نتبارى في مجال المحاضرات والدروس التوجيهية ونتطارح القصائد والطرائف الأدبية، وقد أتيح لي في هذه الفترة أن نظم عدة قصائد سلم القليل منها في أيدي (السيراس) الممزقة عدوة العربية. ثالثها: ورغم الحراسة المشددة التي لا تغفل ولا تنام ورغم التعسفات المرة التي كنا نلاقيها من قبل المعسكر الفرنسي الذي يحرص المعتقل كنا نغتنم الفرصة عندما تتاح لإخراج بعض الشبان القادرين على حمل السلاح واستعماله ليلتحقوا بجيش التحرير الوطني. وقد كان المعتقل فرصة ليلتقي بالعديد من الشعراء الجزائريين أمثال احمد صحنون وخلد قويدري وعمر شكيري وخلد بن يطو وأحمد شقار والشاعر الشعبي عبد الرحمان قاسم، وقد قال الشاعر في ذلك عندما ألتقي بهؤلاء الشعراء يكون حديثنا متمحورا حول المواضيع الثورية والفكرية، فكنا نرسم تصورات عن الجزائر المستقلة إيمانا راسخا لا تزعزعه قوة مهما كانت. فكانت هذه هي أهم المحطات التي عاشها الشاعر الشيخ محمد الشبوكي في المعتقلات تحت نير السلطات الاستعمارية. أطلق صراحه من هذه المعتقلات يوم 13 / 03 / 1962 فعاد إلى مهنة التعليم كأستاذ ثانوي ثم أصبح عضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى ورئيسا بالمجلس الشعبي البلدي ببلدية الشريعة ولاية تبسة من 1963 إلى غاية 1975 ثم عضوا بالمجلس الولائي تبسة من 1975 إلى غاية 1979 حيث أنتخب رئيسا للمجلس الشعبي الولائي( ) وأخيرا نائبا بالمجلس الشعبي الوطني في فترته الثالثة. رحل إلى رحمة الله شاعر العلم والجهاد الأستاذ الدكتور الحاج محمد الشبوكي عن عمر يناهز 89 سنة يوم الاثنين 6 جمادى الأولى 1426 هـ الموافق لـ 13 جوان 2005.